لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى جاء لقاء الرئيس بوتن الأسبوع الماضي مع نظيره الصيني جين بينج، عبر فيديو كونفرنس، لكي يثير الجميع، حيث عبرت الولايات المتحدة في البداية عن قلقها بعد هذا اللقاء، بسبب مساندة الصين إلى روسيا، خاصة أن الرئيس الروسي، بوتن، أعلن بعد هذا اللقاء أنه يريد تعزيز التعاون العسكري مع بكين، وأشاد بمقاومة البلدين في مواجهة الضغوط الغربية. وأكد الرئيس الروسي في حواره مع نظيره الصيني، نحن نتوقع منك زيارة دولة في الربيع القادم إلى موسكو، وأضاف أن هذه الزيارة، سوف تضع للعالم كله مدى تقارب العلاقات الروسية الصينية. وعلى الجانب الآخر، قال الرئيس الصيني أن بلاده مستعدة لزيادة التعاون الاستراتيجي مع روسيا، على خلفية ما وصفه بالوضع الصعب الذي يمر به العالم كله، وقد اكتسبت العلاقات بين روسيا والصين أهمية كبيرة بعد الحرب الأوكرانية، بسبب أن الصين لم تنفذ العقوبات التي فرضتها الدول الغربية وأمريكا على روسيا، وثانيا، أن الصين أمتنعت عن إدانة روسيا، في كل المحافل الدولية، كما زادت صادرات الطاقة الروسية إلى الصين بشكل كبير مع اندلاع هذه الحرب حيث قفزت واردات النفط الصينية من روسيا إلى 16%. ورغم ذلك، التزمت الصين بالحذر في تقديم دعم مباشر إلى روسيا، لان هذا قد يفرض عليها عقوبات من الاتحاد الأوروبي. ولقد أجرت بكين وموسكو عدة مناورات عسكرية مشتركة في الشهور الأخيرة، بما فيها مناورة هامة الأسبوع الماضي في بحر الصين، وقد كانت تصريحات الرئيس الصيني قد أثارت أيضا نوعا من القلق، عندما أعلن أن الصين مستعدة للعمل مع روسيا وجميع القوى التقدمية في العالم، ضد الهيمنة الأوروبية الأمريكية، وأضاف الرئيس الصيني أن بكين مستعدة للعمل مع روسيا، لحماية السيادة والأمن والمصالح التنموية المشتركة للبلدين بشكل صارم، فقد أعلن بوتين أن مرونة، ونضج، واستقرار العلاقات الروسية الصينية. قد تعززت بشكل أكبر وأن التنسيق الاستراتيجي بين البلدين. أصبح أكثر وضوحا، وأكد أن هذه العلاقة الثنائية، يمكن أن تكون نموذجا للعلاقات بين الدول الكبرى، في القرن ال21 من هنا أثار هذا التقارب الجدل، لدرجة أن الولايات المتحدة، قررت إرسال وزير الخارجية الأمريكي، بلينكن إلى الصين، في الأيام القادمة، بهدف محاولة احتواء الصين، ومنعها من تدعيم روسيا، خاصة إذا حاولت تقديم دعم مباشر لها في المجال العسكري في الحرب ضد أوكرانيا. وهنا يبرز السؤال لكل المحللين هل هذا يعني تكوين جبهة جديدة من الصين وروسيا، ضد الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وهل ذلك يعني تغيير في موازين القوى العالمية، خاصة بعد أن أعلنت فنلندا والسويد انضمامهم إلى حلف الناتو في الفترة القادمة وتخليهم عن حيادهم السابق، هذا بالطبع، يعتبر تغيرا كبيرا في شكل موازين القوى العالمية، حيث لم يتبقى من الدول الكبرى في العالم التي ما زالت في إعداد دول الحياد إلا أعداد محدودة للغاية مثل سويسرا، الأمر الذي يتضح جميع المحللين. إن الصين وروسيا في القريب العاجل ستعملان على تكوين قوى دولية لمجابهة الدول الأوروبية والولايات المتحدة، خاصة أن الصين تعلم تماما أن الولايات المتحدة قد صنفت الصين حاليا على أساس إنها العدو الأول لها في سياستها الخارجية، ولقد تأكد ذلك بعد توتر الأوضاع في بحر الصين. حيث ظهر دعم الولايات المتحدة لدولة تايوان عسكريا. وخصوصا بعد زيارة بيلوسي رئيسة الكونجرس الامريكي الى تايوان. الامر الذي اثار الصين عندما صدر قرار مجلس النواب الأمريكي بتخصيص 10مليارات دولارات كمساعدة عسكرية لدعم تايوان، حيث يندرج المبلغ ضمن وزارة الدفاع الامريكية. لكي يثير غضب الصين ويزيد التنافس العسكري في المنطقة. خاصة ان اليابان أعلنت هي الاخرى زيادة 74 مليار دولار في ميزانية الدفاع لها هذا العام، وهذا يعني زيادة اليابان انفاقها العسكري بنسبة 26%، وهي اعلى نسبة في تاريخ اليابان، في إطار خطة وبرنامج مدته 5 سنوات لزيادة قدرتها الدفاعية ضد التهديدات من الصين وكوريا الشمالية وروسيا، وهذا يعنى ان ميزانية الدفاع اليابانية تضاهي إنفاق روسيا العسكري، وجاء ذلك القرار الياباني بعد غزو روسيا لأوكرانيا، وهكذا تصاعد الموقف في خليج تايوان وبحر الصين. من هنا بدأت الصين تلجأ الى حليف لها في المنطقة للوقوف ضد المناورات العسكرية الامريكية، مع دول المنطقة، وهنا يبرز التعاون الصيني الروسي في تنفيذ مناورات مشتركة في بحر الصين ومضيق تايوان التي اكدت على اهمية التعاون والتقارب بين الدولتين الصيني والروسي، ومع ازدياد التوتر في هذه المنطقة من العالم بدأ يظهر دور كوريا شمالية التي تسعى الي تطوير الصواريخ العابرة للقارات، والنشاط النووي لها، ثم تجارب اطلاق هذه الصواريخ، والتي بدأت تشبه التحرش الامني لدول هذه المنطقة من العالم، وخصوصا الولايات المتحدة، واليابان، ومن هنا ظهرت قوة هذا التحالف الجديد. روسيا والصين وكوريا الشمالية من اجل تحقيق مصالح الامن القومي لهم في منطقة جنوب شرق اسيا، ضد التواجد الأمريكي التي تدعم تايوان والقوة العسكرية اليابانية الجديدة. ثم جاءت دعوة الرئيس الامريكي جو بايدن، الى 49 من قادة الدول الافريقية. الى واشنطن في محاولة لاستعادة امريكا دورها في افريقيا. حيث ظهر واضحا خلال مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال ازمة الأوكرانية، ان تصويت معظم الدول الافريقية، يكون لصالح روسيا، من هنا بدأ التقارب الامريكي الجديد تجاه افريقيا، بعد ان كانت افريقيا في الماضي خارج الحسابات السياسية الخارجية الامريكية، لذلك قررت امريكا تخصيص 100 مليار دولار لدعم الدول الافريقية في الفترة القادمة بهدف تعديل التوجه الاستراتيجي لدول افريقيا، ليكون لصالح الولايات المتحدة مستقبلا، بعد ان كانت الصين وروسيا تسيطران على دول افريقيا بدعم الاقتصادي في هذه الدول، خاصة في مجالات البنية التحتية، من بناء المطارات، والسدود، والموانئ، ومحطات الكهرباء،… الى اخره. وهكذا بدأت تظهر تكتلات جديدة، تغير في موازين القوى في العالم، حيث بدأت روسيا، والصين، وكوريا الشمالية، من جهة ضد الاتحاد الأوروبي (الناتو)، والولايات المتحدة، مع محاولة كل تكتل أن يجذب إليه دول الخليج العربي البترولية، والدول الأفريقية، بهدف زيادة حجم التكتل ضد الطرف الآخر. وهذا ما سوف توضحه الأيام القادمة، حيث خلقت هذه الحرب الروسية الأوكرانية تغيرات في موازين القوى العالمية.