ما الفائدة من بنود الدساتير المتهالكة التي تفرض قسرا على الشعوب من قبل مجموعة من المشرعين لا علاقة لهم بالحوار الاجتماعي الذي يهدف إلى التنسيق الفعلي مع أطياف المجتمع المدني من غرض تحديد الحقوق والالتزام بما يخدم المصلحة العامة للشعوب، من بنود قانونية تضمن الحريات ،الحق في التعليم الجيد، الولوج الى المستشفيات العمومية بالمجان، العدالة الاجتماعية، الحق في الولوج المباشر إلى العمل، العيش الكريم،الحق في السكن المريح. لماذا لم يسمح المشرع بتحديد وتبسيط بنود الحقوق المستحقة للأفراد كضمان موثق للحياة المشتركة من مساواة في الاستفادة من ثروات البلد، هدفها خلق مجال إيجابي للحوار والاحترام المتبادل وضبط المفاهيم المتفرعة، من التصورات والالتزامات والاعتراف بمشاريع قوانين تخضع للآلية الإجرائية الرقابية الديمقراطية، من غرض التماسك الاجتماعي ودحض الهيمنة الأحادية في الانفراد بالقرارات عن عقل متعال أو عن وحي غير مسؤول. هذا ما يعمق الاختلاف ويضعف الإدارة السياسية بسبب التحايل على القانون، من أجل الحفاظ على مواقع السلطة كوريث شرعي. مع العلم أن التحديات الإقتصادية والنماذج الديمقراطية المهيمنة حاليا على السجال الإجتماعي، والمقارنة بين الدول والمقاربة القانونية في ظل الالتزام بشروط الحوار دون المس بالقيم الأساس،أصبحت تشكل موضوع إجماع. لذا، تعتمد خدعة الدساتير المتهالكة على خلق بنود ونصوص قانونية ملغمة تتضمن مجموعة من الثغرات الغاية منها خدمة مصالح الأقلية الحاكمة على حساب الشعوب والأوطان، إذ تثمن احتكار تعدد المناصب في الشخص الواحد من النخبة السياسية الحزبية مقابل حجب الوظائف على العامة من الكفاءات الشابة المتألقة في مختلف المجالات.هذا ما يتسبب في هجرة الأدمغة، كما يؤثر على المعيار النموذجي للسياسة الناجعة والتنمية المتقدمة التي ترتكز على الاندماج الجماعي والتنظيم السياسي المحكم والتأثير الفكري، باعتبارهم عاملا مهما في دمج الإرادة الشفافة والمراقبة الصارمة والتنسيق الممنهج والتشريع المتزن كمحاور رئيسة في تأسيس سيادة قانونية متماسكة، تؤطر التصور الديمقراطي للشرعية والسيادة الشعبية بنجاعة. فمن أجل تحيين وإعادة النظر في جميع الدساتير المتهالكة لا بد من استحضار العقل التواصلي كإنتاج فكري عميق الرؤية والمقاصد، لأن الحقيقة ليست بحاجة إلى التبريرات المفتعلة. فالانفراد بالقرارات واختزالها يعكس خيبة أمل براغماتية تؤثر مباشرة على الثقة بين الحاكم والمحكوم كمكون رئيس للمجتمع.