لواء دكتور/ سمير فرج ومع بداية دخول الشتاء، وظهور تأثير حرب الغاز التي تشنها روسيا حاليا ضد الدول الاوروبية وأوكرانيا، وتأثر دول العالم كلها بالصعوبات، والمشاكل الاقتصادية، بدأت تلوح اراء وافكار في الافق بهدف ضرورة الوصول الى حل سلمي لإنهاء تلك الحرب المريرة بين روسيا وأوكرانيا، خاصة الوضع المتردي في اوكرانيا. التي فقدت 20% من أراضيها، وقيام روسيا بإعلان ضم المقاطعات الاربعة. لوهانسك، ودونتسك، وذابورجيا، وخيرسون، وقيام روسيا بتدمير جزء كبير من البنية الاساسية الأوكرانية، خاصة محطات الكهرباء التي جعلت الملايين من الاوكرانيين يقاسون مرارة الشتاء، وحتى بعد تدعيم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا بمحطات توليد الكهرباء المتنقلة، فان ذلك لم يجدي كثيرا، لان الروس قاموا بتدمير محطات الكهرباء، والشبكات الموزعة لها، وبالتالي اثرت على عمل محطات المياه هناك، من هنا كانت الضربة المؤلمة للشعب الاوكراني. لذلك بدأ الجميع في التفكير في انهاء هذه الحرب، التي لن يخرج فيها احد منتصرا او مهزوما، وأعجبتني كلمة الرئيس الفرنسي ماكرون، عندما قال ان روسيا لن تسمح لنفسها بان تخرج من هذه الحرب مهزومة، ونحن ايضا في الغرب لا نفكر لها بذلك، لان الامر سيزداد تعقيدا وسوءا. ومن هذا المنطلق أصبح الجميع يفكر أليس هناك نهاية لهذه الحرب التي تتأثرت بها جميع الدول الغنية والفقيرة. ولان افكار الطرفين متباعدة تماما للوصول الى حل لهذه المشكلة، حيث تصاعدت مطالب روسيا التي بدأت مع بداية الحرب، بان تعلن أوكرانيا انها ستصبح دولة محايدة مثل سويسرا، وثانيا، انها ستعلن رفضها للانضمام لحلف الناتو، او اي حلف اخر عسكري، مع أوروبا، كذلك تعلن اوكرانيا انها لن تقوم بامتلاك اسلحة نووية، و هي مطالب وافقت عليها أوكرانيا. ولكن، جاء المطلب الروسي الاخير ان تعترف اوكرانيا بأحقية شبه جزيرة القرم، بان تكون تابعة لروسيا. وهذا الامر رفضته اوكرانيا تماما، واكدت انها لن تقبل بضم شبه جزيرة القرم لروسيا مهما كانت الظروف، وتلك كانت اعقد النقاط للوصول الى تسوية في البداية. حتى ان السياسي المخضرم هنري كيسنجر، عندما أعلن في كلماته في مؤتمر ديفوس، ان اوكرانيا يجب ان توافق على ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا، لإنهاء هذه الحرب، وكان الرد عنيفا، من الرئيس سلازنكي الاوكراني، واتهمه بانه اصبح كبيرا في السن ولا يعي ما يقول. وبعد تطور القتال واستولت روسيا على 20% من الاراضي الأوكرانية، وضم الاربعة مقاطعات الى روسيا، زاد الطلب الاخير من روسيا لوقف القتال، ان تعترف اوكرانيا بضم هذه المقاطعات الاربعة الى روسيا، وهذا بالطبع امر كان مرفوضا تماما من الجانب الاوكراني. حيث جاءت شروط أوكرانيا، هي الأخرى، لوقف القتال هو الانسحاب الكامل للقوات الروسية من الاراضي الأوكرانيا، التي احتلتها ثم تقديم ضمانات دولية، بعدم قيام روسيا بمثل هذه العمليات الهجومية ضد الاوكرانية مستقبلا. واخيرا يجب ان تقوم روسيا بدفع التعويضات الى اوكرانيا عن الخسائر التي لحقت بها من جراء هذه الحرب. وبنظرة عامة لمطالب الطرفين نجد كلاهما بعيدا تماما عن الاخر، مما يصعب في البداية الوصول الى حل سلمي لهذه القضية، او حتي الجلوس على مائدة المفاوضات، ومن هذا المنطلق، جاءت فكرة التجميد التي طرحتها مجموعة من بعض الدول في الاتحاد الأوروبي، والتي تقول، اننا نبدأ بتجميد الاوضاع على الأرض، وايقاف اعمال القتال بين كلا الطرفين، اي بمعنى اخر، وقف اطلاق النار. ولكن هذا المصطلح يعني لكلا الطرفين انه لم يهزم في هذه المعركة، وعلى الجانب الاخر، يتوقف اطلاق النار، وتبدأ الحياة تعود الى الشعب الاوكراني، ويتم اصلاح البنية الأساسية، ويعود الدفء الى حياة الملايين من شعب أوكرانيا، ويتوقف عمليات الهجمات العسكرية، وبالتالي يتوقف قتل للجنود والمدنيين من كلا الطرفين. ورغم ان تلك الفكرة سوف تعطي كلا الجانبين الروسي والاوكراني الوقت لإعادة تنظيم صفوفه من ميدان القتال، واستكمال الذخائر، والأسلحة، والمعدات، اي انها فرصة لالتقاط الانفاس لكلا الطرفين في الميدان العسكري، لذلك فان هذه الفكرة سيكون لها ميزة كبيرة، وهي عدم تطور عمليات القتال الى الاسوأ مستقبلا، والتي قد تتحول الى تنفيذ ضربات نووية تكتيكية، تتصاعد لأكثر من ذلك، حيث ان اوكرانيا بدأت مهاجمة العمق الروسي بالطائرات المسيرة والمدفعية، الامر الذي لا تحفزه الولايات المتحدة الامريكية، حيث ان ذلك يعطي الروس الزريعة لاستخدام السلاح النووي التكتيكي في حالة مهاجمة عمق الدولة الروسية، طبقا لاستراتيجية الاستخدام النووي في العقيدة الروسية. ومن هنا اعتقد ان ذلك كان اكبر مكسب من فكرة التجميد، حيث يعني التجميد في مفهوم القتال العادي، هو وقف القتال بين الطرفين، ولكن في مفهومي الخاص، هو تجميد تصاعد القتال بين الطرفين، وضرب العمق الروسي، وبذلك يكون التجميد هو عدم تصاعد القتال مستقبلا، ليصل الى استخدام النووي التكتيكي. واعتقد ان الجانب الروسي، سيتقبل فكرة التجميد، لأنه بلا شك، قد تم انهاك الاقتصاد الروسي في الفترة السابقة، لأنها تمر باقتصاد حرب، كما انها فرصة للبحث عن اسواق جديدة لتسويق الغاز، بعد القيود التي تفرضها امريكا والاتحاد الاوروبين، واخرها وضع سقف لسعر برميل النقد النفط الروسي بقيمة 60 دولار. وعلى الطرف الاخر، فان الولايات المتحدة، تدخل عامها الجديد، وهي في مشكلة البطة العرجاء، حيث ان الغالبية في الكونجرس الأمريكي، اعتبارا من اول يناير، اصبح للجمهوريين، والتي ستعيق اي قرارات لرئيس جو بايدن الديموقراطي، لذلك سيقل الدعم المطلق، العسكري، والمادي، الذي كان ممنوح اوكرانيا في الفترة السابقة، كذلك فان جو بايدن، سيبدأ حملته الانتخابية هذا العام، ويريد ان يبدأ هذه الفترة بلا انتقادات بسبب تشجيعه المطلق لاستمرار هذه الحرب، ونتائجها الاقتصادية على المجتمع الأمريكي. وعلى الطرف الاخر، فان الدول الأوروبية، تريد ان يتوقف هذا الصراع الذي اضر اقتصاديا على دول وشعوب هذه المنطقة، وتريد ان تبدأ مرحلة جديدة من اوضاع اقتصادية، يقل فيها التضخم، والبطالة، وتبحث عن مصادر طاقة امنة، بعيدا عن التحكم الروسي. وعلى مستوى دول العالم، فان العالم أيضا، سيرحب بتلك المبادرة، املا ان يعود الاستقرار الاقتصادي لهذه الدول، ويقل سعر البترول، والحبوب، ومشاكل الزيوت، والاسمدة، وتبدأ في تنظيم حياة اقتصادية جديدة، تحقق الرفاهية للجميع، بعد ان تبدأ عملية التجميد، يبدأ المجتمع الدولي في ايجاد حلول لهذه المشكلة الروسية الأوكرانية، للوصول الى حل، يرضي روسيا واوكرانيا. في بداية جديدة مستقرة لأوروبا، وباقي دول العالم.