بقلم الدكتورة زينب آغا نائب رئيس شبكة إعلام المرأة العربية
-كثر في هذا الزمان الإجهاض، بسبب وبلا سبب، وأدى إلى حالات وفَيات كثيرة، أدّت إلى خلْط ولَغَط في المجتمعات، خصوصًا العربية الإسلامية التي تقلّد المجتمعات الغربية. والإجهاض من القضايا التي احتلّت مساحة كبيرة من الجدال في المجتمعات الإسلامية في السنوات الأخيرة، وخصوصًا دعاوى الجمعيات النسوية العالمية منها والمحلية. ولا يخفى أنها تدعو إلى إباحة الإجهاض بالمطلق، ولو بعد أربعة أشهر، خاصة إجهاض الحمل الناتج من زنا محارم أو اغتصاب، وبالأخص الفتيات والنساء المغتصبات في أثناء الحروب.
وتبرز في هذا السياق عدة دواعٍ: الطبية وتأثيرها في صحة الأم وحياتها. المتعلقة بالجنين مثل: إصابته بالتشوهات أو الأمراض. الإنسانية مثل: إجهاض الحمل في حالات الاغتصاب، أو الإيقاع بالقاصر والمتخلفة عقليًّا. الطبية الاجتماعية مثل: كثرة عدد الأطفال، حيث تسمح بعض الدول العربية بالإجهاض، إن كان للسيدة خمسة أطفال أحياء، وبعض القوانين يعتبر الإجهاض جريمة، إلا أنه يعتبر الإجهاض لاتقاء ما يسمى “جريمة الشرف” جائزًا، ويعتبره هنا ظرفًا مخففًا. بناء على طلب المرأة، عند دعاة الحرية.
وعليه، نظر الفقهاء في هذه المسائل من جانبها الفقهي، معتمدين في ذلك على الدراسات الطبية التي تركزت حول ماهية الجنين والمراحل التي يمر بها، ثم الاستفادة من خبراتهم في مجال مخاطر الإجهاض بشكل عامّ، على رغم أنه موضوع قديم ومطروق عند الفقهاء في أبواب الديات والجنايات وغيرها. الإجهاض ظاهرة عالمية متسارعة، عرَّج عليها فقهاء المسلمين من المذاهب الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وكذلك أطباء المسلمين القدامى. وفي عملية ربط بين المفكرين المسلمين اليوم، والأطباء المسلمين اليوم، نجد أن الحكم الشرعي لم يتغيَّر، ولعلَّ حالات الإجهاض (كما هو شائع وذائع) ( ) ما قبل 120 يومًا وقبل نفخ الروح في الجنين زادت وتعدَّدت… فاحتيج إلى النظر من قِبل الأطباء المسلمين المعاصرين الذين غلب عليهم منع الإجهاض. ولعلَّ حالات الإجهاض (كما هو شائع وذائع) زادت ما بعد نفخ الروح، بسبب قلة الخوف من الله، وشيوع الفواحش، وعدم التوكل على الله.
وعند التأمل في قضية الإجهاض من كل نواحيها نخلص إلى هذه الاستنتاجات: 1_ أن العلماء قد أجمعوا على حرمة قتل الجنين بعد 120 يومًا وبعد نفخ الروح فيه. 2_ قتل الجنين بعد 120 يومًا جريمة موصوفة، وعلى الطبيب القاتل الدية والكفارة، وهو معصية من أكبر الكبائر بعد الكفر، لأنه قتل النفس التي حرَّم الله بغير حق، كما أن النفس بالنفس، فكأنه قتل إنسانًا يمشي على وجه الأرض. 3_ لا يجوز تقليد الغرب التقليد الأعمى في فتح الباب على مصراعيه، وترك الحبل على الغارب، في عمليات الإجهاض. 4_ النظر المقاصدي في الشريعة الإسلامية له ضروراته في حكم الإجهاض قبل 120 يومًا، أما فيما بعد ذلك فهو حرام، لأن أمر تشوه الطفل وموت الأم، في علم الغيب، وكم من مرة أخطأ الأطباء في تشخيصهم ؛ ثم في اللجوء السريع إلى الإجهاض تَرْكُ التوكل على الله، والقناعةِ بما قسم الله. 5_ الإجهاض ينافي الحكمة من خلق الإنسان. 6_ وجود مسلك عند جمهور الحنفية ومن وافقهم من الشافعية في جواز إجهاض الحمل قبل نفخ الروح، وكذلك البعض من فقهاء المالكية، وكذلك البعض من فقهاء الحنابلة؛ لأن هذا هو الذي تقره القواعد الشرعية كـ: “الضرورات تبيح المحظورات”، و”الضرر يزال”، و”إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمها بارتكاب أخفها”، و”درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”… وغيرها من القواعد الشرعية. 7_ لا يجوز كشف العورة عند الإجهاض، عند عدم وجود الضرورة قبل 120 يومًا. 8_ الأطباء المعاصرون قسمان: قسم ذهب إلى الحرمة بعد 120 يومًا وبعد نفخ الروح، وقسم ذهب إلى حرمة الإسقاط حين دخول النطفة الرحم واستقرارها فيه. 9_ المخوَّل بتحديد حكم تنفيذ الإجهاض في الحالات الخاصة: الطبيب المسلم الثقة الديّن قبل 120 يومًا على الجنين.