لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى وحل الشتاء قاسيا على أوكرانيا وهبط الثلج على العاصمة كييف بعد أن قامت روسيا بقصف محطات الكهرباء في العاصمة وذكر الرئيس زيلينسكي أن مئات الملايين من الأسر في أوكرانيا محرومة الآن من الكهرباء، وبالتالي من التدفئة في كييف العاصمة ومن حولها. وطبقا لما ذكرته هيئة الأركان العامة الأوكرانية على صفحتها الرسمية، أن أكثر من ثلاثين منطقة في اوكرانيا تعرضت لضربات صاروخية وجوية، نتج عنها تعطيل معظم محطات توليد الكهرباء بالعاصمة كييف وكريمنشوك، وبدأ يتحقق للجميع أن الشكل الجديد للخطة الروسية تجاه أوكرانيا في الفترة القادمة هو الجنرال برد، بمعنى تدمير أكبر قدر من محطات الطاقة، وبالتالي يشعر المواطن الاوكراني بصعوبة الحياة في الشتاء القارص التي تصل درجة حرارته إلى الصقيع، حيث يؤدي الى خفض معنويات الشعب الاوكراني، الذي يرى أن حكومته غير قادرة على حماية حياته الشخصية وتفوفير اقل دعم وهو التدفئة في الشتاء. وفي اتجاه منطقة خيرسون بعد انسحاب القوات الروسية من عاصمتها، وقام الروس بإنشاء خط الدفاع الجديد على نهر دنيبرو، وقبل أن يشعر الأوكرانيين أنهم انتصروا بإستعادة مدينة خيرسون، بدأ القصف الروسي المكثف عليها لتدمير البنية التحتية، بالذات محطات الكهرباء والطاقة، علاوة على الدمار الشامل الذي حل بالمنطقة، ولذلك بدأت المنطقة تعاني بشدة بعد أن حل الشتاء القاسي، لذلك شعر الجميع أن الرهان الروسي على الشتاء القاسي بدأ يؤتي بثماره، حيث تعمدت روسيا بتدمير البنية التحتية للطاقة لتركيع أوكرانيا، وأصبحت خيرسون و ميكولايف، المدينتين الجنوبيتين، الأكثر تضررا اليوم بلا كهرباء ولا ماء ولا معونات كافية، لذلك بدأت الحكومة الأوكرانية في التفكير بجدية بإجلاء سكان المدينتين نحو مناطق يستطيعون فيها البقاء بعيدا عن الشتاء القارس بلا تدفئة حيث تصل درجة الحرارة هناك إلى ثلاثين درجة تحت الصفر، وجاءت تصريحات نائب رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فريمنتشوك، أن الحكومة ستبدأ في الفترة القادمة في تقديم عرض اختياري لسكان المدينتين للخروج منها. لكن لن يكون الخروج لهما إجباريا. وفي نفس الوقت فقد تم قصف مالا يقل عن 12 قذيفة على محطة الطاقة زابوريجيا، التي تعتبر أكبر محطة نووية في أوروبا، وقد تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بشان هذه الضربات، الأمر الذي سيشكل كارثة كبيرة، ليس على أوكرانيا فقط ولكن لكل أوروبا، لدرجة أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل جروس. أكد أن أيا من كان يقف وراء القذف يجب أن يتوقف فورا لأن ما يحدث هو اللعب بالنار. وعلى الاتجاه الآخر، فشل وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي في الاتفاق على تحديد سقف الأسعار للغاز الطبيعي للحد من تداعيات أزمة الطاقة في القارة الأوروبية في ظل خلافات عميقة ظهرت بين الأعضاء بشأن هذا الموضوع، وتقرر إعادة اجتماع وزراء الاتحاد الأوروبي مرة أخرى في النصف الاول من ديسمبر على أمل تجاوز هذه الخلافات، وفق ما أعلنه وزير الطاقة والتجارة التشيكي جوزيف هيكلا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حاليا. وبالطبع يعتبر ذلك انتصار جديد للسياسة الروسية تجاه هذه الحرب، وكان المجلس قد قدم مقترح بتنفيذ عملية شراء مشتركة للغاز لتجنب المنافسة داخل دول الاتحاد الأوروبي، برفع الأسعار مع تسريع إجراءات توفير مصادر للطاقة المتجددة كأساليب للطاقة البديلة مستقبلا. ولقد اعترض وزيري الطاقة من كل من بولندا وإسبانيا على مقترحات تحديد سقف الأسعار، وكانت ألمانيا وهولندا تركز في البداية في الفترة السابقة على سرعة تحديد سقف الغاز، خاصة أن ألمانيا التي ترى أن هناك احتمالات بتحويل الغاز الروسي بعرضه في أسواق مربحة في الدول الآسيوية والصين، وتشير التقارير أن 15 دولة في الاتحاد الأوروبي على الأقل تطالب بسقف لأسعار الغاز بالجملة للتعامل مع نقص الإمداد بالغاز الروسي مع بدء الحرب في أوكرانيا، بينما لم يستطيع الاتحاد الأوروبي فرض حظر بإستيراد الغاز الروسي إلا أن موسكو أوقفت الإمداد بالغاز الطبيعي لبعض الدول ردا على العقوبات التي فرضتها بروكسيل على موسكو. وقبل الحرب كانت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا تمثل 49 في المئة من إجمالي الغاز الذي تستورده أوروبا، وكانت ألمانيا بالطبع أكثر الدول اعتمادا على الغاز الروسي، ولقد تراجعت هذه الإمدادات مؤخرا بنسبة عشرة في المئة نتيجة قيام بعد دول الاتحاد الأوروبي بعمل اتفاقيات مع بعض الدول مثلا الجزائر، ونيجيريا، ودول الخليج، والولايات المتحدة لإمداد حط الغاز ولكن ما زالت أوروبا تواجه فواتير تدفئة عالية خلال الشتاء القادم برغم قيام بعض الدول الأوروبية باتخاذ أنظمة لتقليل خفض استخدام الغاز الطبيعي بنسبة 15 في المئة خلال الشتاء القادم. لكن يظل بوتين يراهن على أن الشتاء القادم سوف يكون أداة للضغط من الشعوب الأوروبية على حكومتها وإجبارهم على عدم تدعيم أوكرانيا في حربها ضد روسيا في الفترة القادمة، وهذا ما أطلقت عليه في الكتابات السابقة الجنرال برد، وهو السلاح الروسي في الشهور القادمة ضد أوروبا في الحرب الروسية الأوكرانية. وبالطبع سيأتي ذلك مع نجاح الحزب الجمهوري. في الولايات المتحدة بتحقيق أغلبية في مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي، الأمر الذي سيحد من الدعم الأمريكي الذي كان يقدم بلا حدود لأوكرانيا في الفترة السابقة، كل ذلك سوف يكون له تأثير في حرب الغاز في الفترة القادم. وهذا تحول جديد في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث سيعمل الكونجرس الأمريكي على خفض المعونات الاقتصادية القادمة إلى أوكرانيا، كذلك سيتوقف الإمداد بالسلاح الأمريكي إلى أوكرانيا، الذي كان يعتمد على دعم أوكرانيا بالسلاح عاجلا من المخزون الاستراتيجي الأمريكي في مخازن الجيش الأمريكي الذي لا يؤيده الحزب الجمهوري لان في ذلك تهديد لالأمن القومي الأمريكي، لذلك قام الرئيس الأمريكي بتخفيض سعر الجالون للمستهلك الأمريكي بصرف جزء كبير من المخزون النفطي الأمريكي، الأمر الذي أثار استياء الجمهوريين، وسيظهر ذلك خلال عدم موافقتهم على أي دعم أمريكي عاجل أوكرانيا، خاصة أن ترامب أعلن أن الجمهوريين يروون أن الدعم العسكري الأوكراني يطيل زمن الحرب وبالتالي يزيد المشاكل والصعوبات الاقتصادية في العالم كله. وهكذا فإن الأيام القادمة تدعو للتساؤل، هل سيصمد الشعب الأوكراني والأوروبي أمام الشتاء القارص؟ وهل ستصمد أوكرانيا بعد أن يقل الدعم الأمريكي لها؟ هذا ما ستوضحه الشهور الثلاثة القادمة.