حازم خزام بالهيئة العامة للإستعلامات برئاسة الجمهورية
متابعة عادل شلبى
ما هو علاقة علم المنطق بفهم الأمور ؟!
وهل من الممكن أن يكون توجهي عائقا في فهم المنطق وفي الوصول للحقيقة ؟!
هل من الممكن تقبل أفكار شخص ما دون تقبل شخصيته أو أسلوبه؟
وكيف يمكن قبول بعض من أفكار من يخالفني في التوجه السياسي أو الديني أو الأخلاقي؟
كيف يمكنني التأكد من كوني على صواب وأن من يخالفوني الرأي على خطأ ؟
كيف يمكن أن لا يؤثر حبي أو كرهي لشخص ما على أحكامي وآراءى تجاه أفكار وآراء ذلك الشخص؟
الكثير منا يدخل في نقاشات وجدالات مع الاخرين وبطبيعة الحال إذا توافقوا معنا في توجه ما سيختلفون معنا في اخر وهذا بسبب عدة عوامل مثل اختلاف البيئة التي ينشا فيها كل انسان أو طرق التربية أواختلاف المذاهب والايديولوجيات, ولكن هل من الممكن تقبل هذا الكم من التشعب في الافكار والاتجاهات؟ فكثيرا ما نسمع عبارة ” يجب تقبل واحترام اراء الاخرين ” ولكن هل كل الآراء يمكن تقبلها وهل كل حكم او فكر هو مجرد “رأى” او “وجهة نظر” يمكن قبوله او رفضه؟
إذا أمعنا النظر في تلك التساؤلات وأردنا حقا ان نحصل على اجابات لنتمكن من معرفة ما يمكن ان يؤثر على احكامنا ويمنعنا من الوصول الى الحقيقة، وإذا أردنا ان نعرف حقا هل نحن على صواب ام لا وما يمكن ان نعتبره مجرد رأى وما لا يمكن ان نعتبره الا “حق” يجب اتباعه، علينا ان نعرف ما هو الميزان الذي يمكننا من خلاله قياس الحقيقة وايضا علينا ان نعرف ما هو “التجرد” وما هو دوره في الوصول للحقيقة.
الإنسان منطقي بطبعه
يرى علماء المنطق أن الانسان منطقي بطبعه، وأنه إذا ترك على فطرته سيفكر بمنطقيه وسيصل لنتائج صحيحه ولكن مع مرور الوقت تلوثت فطرته وتغيرت وجعلته يفكر بصورة غير منطقية ومن ثم أصبح فكره مشوشا وسلوكه غير سليم.
فالإنسان يولد “متجرد العقل ” أي انه قادر على التفكير دون احكام وانطباعات مسبقة تمنعه من التحليل الصحيح للأحداث المحيطة به و تكوين رؤية صحيحه وواضحة للعالم الذى يعيش فيه ، الامر الذى سيساعده في معرفة ما ينبغي ان يفعل و ما لا ينبغي ان يفعل ، فالتجرد هو ان يفكر الانسان في ان كل شيء “ممكن” و ان يتعامل مع الافكار من حوله بتروي و حكمة و يكون هدفه الوحيد هو الوصول الى الحقيقة .
فلا يهتم بجنس او عرق او دين او توجه من يطرح الافكار و الآراء بقدر ما يهتم بصحتها من خطأها و بتطابقها مع الواقع من عدم تطابقها و هو لن يتوقف عند حد ان كل شيء “ممكنا” فالعاقل لا يقبل بهذا الفكر المبهم ، و لكنه يبحث عن الدليل الذى يضع “الممكن” اما في خانة “اللازم و الواجب و الصحيح” او في خانة “المستحيل و الممتنع والخاطئ ” .
ولكن كيف يمكن للإنسان ان يقوم بالحكم على الامور بشكل صحيح، ما هو ميزانه في هذا الحكم؟
ماهو علم المنطق ؟
انه دور علم المنطق ، حيث انه مجموعة من القوانين التي إذا قام الانسان بتطبيقها اثناء تعامله مع الافكار وسيطر عقله على مشاعره ونزواته وشهواته سيعصم الذهن من الوقوع في الخطأ في التفكير، فالإدراك العقلي يتم على مرحلتين الاولى هي “التصور” أي جمع المعلومات من مصادر صحيحه وتكوين معنى واضح للمفاهيم المرتبطة بالشيء المراد الحكم عليه، والثانية هي “التصديق” أي الحكم بصحة او خطأ الشيء الذي قمنا بتعريفه مسبقا وذلك عن طريق “الدليل”
فمثلا إذا أردنا البحث في قضية مثل قضية وجود إله، فيجب علينا اولا وضع تعريف واضح له أي اننا نبحث عن خالق لهذا الكون، لنبدأ بالتجرد وهو ان نرى بأن وجود إله “ممكنا”، وبعد ذلك سنبحث في الكون فاذا وجدنا مثلا ان هذا الكون منظم وأن النظام دليل على وجود واضع لهذا النظام ومنظم له فيجعلنا هذا الدليل نضع هذه القضية في خانة “الواجب والصحيح واللازم “، اما إذا بحثنا في الكون ووجدنا انه غير منظم ولا قوانين له إذا سيكون هذا دليل يدفعنا لوضع هذه القضية في خانة “المستحيل والممتنع”.
إن العقل كالعضلات في جسم الانسان إذا تم اهمالها لفترة طويلة ضعفت واحتاجت لتمارين لتصبح قوية مرة اخرى، فلكي يتمكن العقل من ممارسة وظيفته مرة اخرى عليه ان يمارس “التجرد” بصورة مستمرة حتى يتيح الفرصة لعلم المنطق ان يكون ميزانا ومقياسا دقيقا يمكن الرجوع اليه لمطابقة مدى صحة أو خطأ عملية التفكير فكما تحتاج اللغة الى علم النحو لتستقيم يحتاج الانسان الى علم المنطق ليجعل تفكيره ورؤيته للعالم من حوله صحيحه، الامر الذي سيجعله يعرف ما ينبغي ان يكون ومن ثم يصبح سلوكه منضبطا وتعامله مع الواقع سويا.
حازم خزام بالهيئة العامة للإستعلامات برئاسة الجمهورية