(بسم الله الرحمن الرحيم) كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21( المطففين القرآن الكريم كتاب الله سبحانه المنزل على عبده سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم باللفظ والمعنى. القول فى تأويل قوله تعالى : كَلا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ والأبرار: جمع برّ وهم الذين برّوا الله بأداء فرائضه وإجتناب محارمه. وقد كان الحسن يقول: هم الذين لا يؤذون شيئًا حتى الذَّرّ. وقوله: لَفِى عِلِّيِّينَ ) إختلف أهل التأويل فى معنى عليين، فقال بعضهم: هى السماء السابعة ذكر من قال ذلك: وفيها أرواح المؤمنين. وقال آخرون: بل العِليُّون: قائمة العرش اليمنى. وقال آخرون: بل عُنِى بالعليين: الجَنَّة. وقال آخرون: عند سِدْرَةِ المنتهى السماء الثانية فتنطلق معه المقرّبون الى السماء الثالثة ثم الرابعة، ثم الخامسة ثم السادسة، ثم السابعة حتى تنتهى به إلى سِدْرَة المنتهى. وقال آخرون: بل عُنِى بالعِلِّيِّينَ: فى السماء عند الله. والصواب من القول فى ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن كتاب الأبرار فى عليين والعليون: جمع معناه: شئ فوق شئ وعلوّ فوق علوّ وإرتفاع بعد إرتفاع فلذلك جُمعت بالياء والنون كجمع الرجال إذا لم يكن له بناء من واحده واثنيه كما حُكِىَ عن بعض العرب سماعاً أطْعَمَنَا مَرَقَةَ مَرَقَيْنِ: يعنى اللحم المطبوخ كما قال الشاعر: قَـــدْ رَوَيَـــتْ الا الدُّهَيْدِهِينَــا قَلَيُّصَــــــاتٍ وَأُبَيْكِرِينَـــــا فقال: وأبيكرينا فجمعها بالنون إذ لم يقصد عدداً معلوماً من البكارة بل أراد عدداً لا يحدّ آخره، وكما قال الآخر: فَــأَصْبَحَتِ المَـذَاهِبُ قَـدْ أذَاعَـتْ بِهَــا الإعْصَــارُ بَعْــدَ الْوَابِلينَـا يعنى: مطراً بعد مطر غير محدود العدد، وكذلك تفعل العرب فى كلّ جمع لم يكن بناء له من واحده واثنيه فجمعه فى جميع الإناث والذكران بالنون على ما قد بيَّنا ومن ذلك قولهم للرجال والنساء: عشرون وثلاثون. فإذا كان ذلك كالذى ذكرنا فبين أنّ قوله: لَفِى عِلِّيِّينَ معناه: فى علوّ وإرتفاع فى سماء فوق سماء وعلوّ فوق علوّ وجائز أن يكون ذلك الى السماء السابعة والى سدرة المنتهى والى قائمة العرش، ولا خبر يقطع العذر بأنه معنىّ به بعض ذلك دون بعض. والصواب أن يقال فى ذلك كما قال جلّ ثناؤه: إن كتاب أعمال الأبرار لفى إرتفاع الى حدّ قد علم الله جلّ وعزّ منتهاه، ولا علم عندنا بغايته غير أن ذلك لا يقصر عن السماء السابعة لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك.إن القصص القرآنى للمؤمن يجمع بين حسن الظن برب العالمين تبارك وتعالى، أما المنافق بسوء التدين وسوء العمل يبتعد عن الأمانى. إن القصص القرآنى على الرغم من دراسة سبب نزول الآيآت إنما العبرة بعموم اللفظ عبرة للمؤمن. القرآن ينظف القلب يطهر اللسان يبعد عن المعاصى يشفع مع الصيام للعبد يوم القيامة. لذلك نكثر من قراءة القرآن ونتعظ بما ورد به. ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوجينا اليك هذا القرءآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) 3 يوسف. صدق الله العظيم وصدق رسوله سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.