لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى كنت في زيارة عمل بمدينة الفيوم، وخلال رحلة العودة للقاهرة، رأيت علامة الطريق المشيرة إلى بحيرة الفيوم، فطلبت من السائق أن يسلك الطريق إليها، لاسترجع أجمل وأحلى ذكريات عمري، التي قضيتها على ضفاف تلك البحيرة الهادئة الجميلة. تعود ذكرياتي إلى عام 67، عندما فقدت القوات المسلحة المصرية أسلحتها ومعداتها في حرب يونيو من ذلك العام، وبدأنا مرحلة إعادة بناء الجيش، واستلام أسلحة جديدة من روسيا، وكنت من سلاح المشاة، المعروف قبل حرب يونيو 67 باسم “مشاة راكبة”، لأننا كنا نركب سيارات اللوري للانتقال لميادين القتال، وبعد تم تطوير وحدات المشاة، أصبحنا مشاة ميكانيكية، حيث أمدتنا روسيا بالمركبات المدرعة البرمائية “التوباز”، ذات الجنزير، التي كنا نراها لأول مرة. وأتذكر ونحن في معسكر دهشور، وكنت قائد سرية، أن تسلمت عشرة من تلك المدرعات، فكنا نتعامل معها بمنتهى الحرص والحنان، كأنها ابنتي الصغيرة، فغسلناها بالسولار، لنزيل عنها شحم المصنع، قبل أن نبدأ التدريب عليها. ثم حان موعد تدريب السائقين الجدد عليها، وتدريب رامي المركبة على الرشاش، والمدفع البازوكا، وكانت فترة قاسية في الصحراء ثم الرماية في ميادين الرماية نهاراً وليلاً. ثم حانت المرحلة الحاسمة، وهي التدريب على استخدامها في المياه، لأنها مركبات برمائية، فنظم لنا الجيش معسكراً في منطقة بحيرة الفيوم، وتوجهنا لتدريب السائقين على النزول من البر إلى المياه، وكيفية السباحة بها العربة في المياه، وكانت مرحلة مهمة لنا، لأننا سنستخدم تلك المدرعة البرمائية في عبور قناة السويس، لتدمير خط بارليف، واستعادة أرض سيناء الحبيبة، فلا عجب أننا حافظنا على تلك المدرعات وكأنها أغلى أولادنا.وبقينا في الفيوم مدة ثلاثة أسابيع، تدربنا خلالهم في بحيرات الفيوم وقارون، على هذه المركبات البرمائية الجديدة في المياه، وتدربنا على ضرب النار ليلاً أثناء السباحة بهذه المركبات في البحيرات. ووصلت بسيارتي إلى مكان المعسكر القديم، الذي تغير شكله وأصبح معسكر مبان، بدلاً من الخيام، التي كنا نعيش فيها أيام حرب الاستنزاف، فنزلت من السيارة، ونظرت إلى مياه البحيرة، وشعرت وكأنني أسمع أصوات السائقين … “شغل التربينات … عمر مدفع البازوكا … الهدف أمامك وسط البحيرة …”. وبعد ساعة كاملة عدت إلى السيارة، لكي أعود للقاهرة، حاملاً أجمل ذكريات العمر … ذكريات التدريب استعداداً لنصر أكتوبر 73 على ضفاف بحيرة الفيوم.