فى لقاء مع اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخبير الأمني ومكافحة الإرهاب عن الحديث إتفاق إيفيان يقول هى نتائج مفاوضات طويلة جرت فى الثامن عشر من مارس عام 1962 بين القادة الوطنيين الجزائريين من الحكومة الجزائرية المؤقتة وهى عضو سياسة فى جبهة التحرير الوطنى الجزائرية وبين الموفد الفرنسى برئاسة لويس جوكس ووزير الشئون الجزائرية فى عهد الجنرال ديجول سمحت هذه الإتفاقيات باعلان وقف اطلاق النار ووضع حد لحرب الجزائر، وكان رضا مالك المتحدث بإسم الطرف الجزائرى فى هذه الإتفاقيات. بدأت المفاوضات رسمياً إعتبار 20 مايو فى العام 1961 وإستمرت لمدة عام تخللها وفق للمفاوضات وتعليق وإستعادة لها ومفاوضات سرية الإعتذار أصعب الكلمات الفرنسية. هكذا وصف المحللون عن عدم إعتذار فرنسا للجزائر عن 132 عاماً من الإستعمار وقد طلب عدم التشويش على الإستعمار، الإعتذار ليس كلمة لإثبات النوايا الحسنة، لكن ستتبعها التزامات فرنسية كإعادة فرنسا للمتلكات الجزائرية التاريخية بالمتاحف الفرنسية والنظر الى مواجهة تاريخية للشخصيات التى تورطت فى الإستعمار للجزائر، بالإضافة التى تعويضات مالية تدفع للجزائر. ماكرون يدعو الجزائر لطى الماضى وفتح صفحة جديدة مع بلاده فى زيارته الى الجزائر، دعا الرئيس الفرنسى ماكرون الى طى صفحة الماضى وفتح صفحة جديدة، معلناً تشكيل لجنة مؤرخين مشتركة حول الإستعمار بدون محظورات. من جهته أشاد الرئيس الجزائرى تبون بالنقاشات الصريحة مع ماكرون.
دعا الرّئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون الجزائريين يوم الخميس (25 آب/أغسطس 2025) الى تجاوز الذاكرة التاريخية الإستعمارية مع بلاده والتّطلع للمستقبل، قائلاً: لم نختر تاريخنا ولكنّنا ورثناه ولا يجب أن يكون عائقاً أمامنا للمضى فى علاقاتنا مع الجزائر قدماً وقال ماكرون فى مؤتمر صحفى مع نظيره الجزائرى عبد المجيد تبون إنه يجب أن نطوى صفحة الماضى ونفتح صفحة جديدة فى العلاقات بين بلدينا مبنية على الثقة والإحترام
وأعلن الرئيس الفرنسى إنشاء لجنة مشتركة تضم مؤرخين من البلدين لدراسة الأرشيفات حول الإستعمار وحرب الإستقلال وقال: لدينا ماض مشترك معقد ومؤلم وقد قررنا معاً إنشاء لجنة مؤرخين مشتركة من أجل النظر فى كامل تلك الفترة التاريخية… منذ بداية الإستعمار الى حرب التحرير، بدون محظورات وأضاف نعيش لحظة فريدة آمل أن تسمح لنا بالنظر للمسألة بتواضع وصدق
وشدد الرئيس الفرنسى على أن ما نريد فعله هو بناء المستقبل فنحن لم نختر الماضى مضيفاً: لدينا مسئولية بناء مستقبلنا نحن وشبابنا. وتابع ماكرون: بناء المستقبل يعنى النظر معاً لمستقبلنا… أن نساعد الشباب الجزائرى والفرنسى على النجاح من جهته أشاد الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون بالمحادثات التى أجراها مع ماكرون. وقال تبون فى مؤتمر صحفى مشترك إن النقاشات البناءة والصريحة مع ماكرون والتى شملت مواضيع الذاكرة والتعاون الإقتصادى والدبلوماسى تنم عن مدى خصوصية العلاقات بين البلدين وتمكن من رسم آفاق واعدة لها من خلال خطوات مدروسة وجدول زمنى
وأكد الرئيس الجزائرى أنه جرى الإتفاق على توجه جديد فى العلاقات يقوم على مبادئ الإحترام والثقة ولفت الى أنه سيتم تكثيف وتيرة تبادل الزيارات معرباً عن أمله فى أن تفتح آفاقاً جديدة فى علاقات الشراكة والتعاون.
وأعلن تبون عن تكثيف عمل عدد من اللجان الوزارية المشتركة بين البلدين من أجل تجاوز مختلف العقبات التى تواجه تحقيق أهداف شعبينا وبلدينا وأوضح أن المحادثات شملت مواضيع الذاكرة والتعاون الإقتصادى والدبلوماسى، إضافة الى مناقشة الأوضاع الإقليمية خصوصاً الوضع فى ليبيا ومالى ومنطقة الساحل والصحراء الغربية وقال تبون: الواقع الدولى الراهن والصعوبات الناجمة عنه يطلب من كلا البلدين العمل سوياً على الصعيدين الثنائى ومتعدد الأطراف لمواجهتها وفق تصور شامل يسمح بمعالجتها من الجذور بالتمسك ببنود الأمم المتحدة
وكان قد وصل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون يوم الخميس الى الجزائر فى زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام وتهدف إلى طىّ صفحة الخلافات وإعادة بناء العلاقات الثنائية وإعتبرتها الجزائر اعترافاً بدورها الإقليمى الهام.
وتتزامن الزيارة مع الذكرى الستين لإنتهاء الحرب وإعلان إستقلال الجزائر عام 1962 لكن ماكرون قال إنه مصمم قبل كل شئ على توجيهها نحو الشباب والمستقبل. من الجانب الجزائرى تم الترحيب بالزيارة بإعتبارها تندرج ضمن رؤية جديدة مبنية على الندية وتوازن المصالح بحسب وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
تعتبر الجزائر أن زيارة ماكرون فى مستهل ولايته الرئاسية الثانية تأتى للأهمية التى توليها باريس لتعزيز علاقاتها مع الجزائر كشريك إستراتيجى له وزنه وإعتباره ولتقديرها للدور المحورى الذى تؤديه الجزائر فى المنطقة فضلاً عن العودة القوية للدبلوماسية الجزائرية على الساحة الدولية
ومنذ إندلاع الحرب فى أوكرانيا باتت الجزائر، وهى من بين أكبر عشرة منتجين للغاز فى العالم مُحاوراً مرغوباً للغاية للأوروبيين الساعين الى تقليل إعتمادهم على الغاز الروسى. ورغم تأكيد الرئاسة الفرنسية أن الغاز الجزائرى ليس موضوع الزيارة وأنه لن يتم الإعلان عن عقود كبرى أو مفاوضات هامة الا أن وفد ماكرون يشمل المديرة التنفيذية لشركة إنجى العملاقة للطاقة كاترين ماكغريغور. وهذه الزيارة هى الثانية لإيمانويل ماكرون الى الجزائر منذ توليه الرئاسة، وتعود زيارته الأولى الى كانون الأول/ديسمبر 2017 فى بداية ولايته الأولى. وقد بدت حينها العلاقات بين البلدين واعدة مع رئيس فرنسى شاب ولد بعد عام 1962 ومتحرر من ثقل التاريخ ووصف الإستعمار الفرنسى بأنه جريمة ضد الإنسانية لكن الآمال سرعان ما تلاشت مع صعوبة توفيق ذاكرة البلدين بعد 132 عاماً من الإستعمار والحرب الدموية ورحيل مليون فرنسى من الجزائر عام 1962.
ضاعف ماكرون المبادرات فى ملف الذاكرة، معترفاً بمسئولية الجيش الفرنسى فى مقتل عالم الرياضيات موريس أودين والمحامى الوطنى على بومنجل خلال معركة الجزائر عام 1957. وإستنكر الجرائم التى لا مبرر لها خلال المذبحة التى تعرض لها المتظاهرون الجزائريون فى باريس فى 17 تشرين الأول/أكتوبر 1961. لكن الإعتذارات التى تنتظرها الجزائر عن الإستعمار لم تأت أبداً، ما أحبط مبادرات ماكرون وزاد سوء التفاهم.
وتفاقمت القطيعة مع نشر تصريحات للرئيس الفرنسى فى تشرين الأول/أكتوبر 2021 إتهم فيها “النظام السياسى العسكرى الجزائرى بإنشاء ريع للذاكرة وشكّك فى وجود أمة جزائرية قبل الإستعمار. ومذاك أعاد ماكرون الأمور الى نصابها وقرر الرئيسان إعادة الشراكة بين البلدين الى مسارها الصحيح. ويقول الخبير السياسى الجزائرى منصور قديدير: بالنظر الى مخاطر عدم الإستقرار فى المنطقة المغاربية والنزاعات فى الساحل والحرب فى أوكرانيا، فإن تحسين العلاقات بين فرنسا والجزائر ضرورة سياسية وستكون قضية التأشيرات الفرنسية للجزائريين فى قلب النقاشات أيضاً بعد أن قرر إيمانويل ماكرون عام 2021 خفضها الى النصف فى مواجهة إحجام الجزائر عن إعادة قبول رعاياها المرَّحلين من فرنسا. وسيلتقى خلال زيارته رواد أعمال جزائريين شباب وفى هذا السياق صرّح رئيس المجلس الجزائرى للتجديد الإقتصادى كمال مولى للموقع الإخبارى كل شئ عن الجزائر أنه ينتظر نمطاً جديداً من التعاون بين ضفتى المتوسط يقوم على الإستثمار والإنتاج المشترك من أجل غزو مشترك لأسواق جديدة لكن الرأى العام الجزائرى ينظر لزيارة الرئيس الفرنسى بحذر.