يوما بعد يوم، ورغم تعاقب الأجيال، دائما يثبت المصريون أنهم يد واحدة في الأفراح والأحزان، وهذا ما يميز مصر عن أي دولة أخرى بهذا العالم، فدائما يعلو فيها صوت الحق والتماسك والاتحاد ومواجهة كل المؤامرات التي تحاك ضد وطنهم،
فلا يقبل المصري أي تدخلات خارجية قد تكون مزركشة من الخارج، بينما تحمل في باطنها نيران تريد التهام الأخضر واليابس، وفي نفس ذات الوقت، لا يقبل المصري التدخل في شئون غيره، إيمانا منه بعقيدته الراسخة التي لا تتغير مهما تغيرت الأزمان.
تجلت الوحدة الوطنية في حادث
حريق كنيسة أبو سيفين بمنطقة مطار إمبابة، وانعكس ذلك في مشاركة المسلمين والمسيحيين سويًا، في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المصابين، والضحايا الذين سقطوا في هذا الحادث المفجع، والذي خيم بحزنه ليس على مصر فقط، بل على العالم بأكمله، وعلى الرغم من مرارة الواقعة
، إلا أن الرسالة الثابتة والمتعاقبة في هذا الوطن تؤكد أن مصر بخير دائما ولا خوف عليها، لطالما أنه لا مكان لمحاولات المتربصين للنيل منه، وطالما أن المصريين من نسيج واحد.
سيطرت المشاهد الإيجابية على أوجاع حادث حريق كنيسة أبو سيفين، متمثلة في دخول المسلمين إلى داخل الكنيسة، لإنقاذ أرواح أشقائهم المسيحيين من النيران المتوهجة،
إلى جانب إسعاف الآخرين للمضارين من الأدخنة، والتي خلفت عشرات الضحايا لاسيما من الأطفال نتيجة الاختناق والتدافع، في محاولة الهروب من شبح النيران المشتعلة، لهذا غلبت إيجابيات الحادث على مرارته وكل الشائعات التي خرجت مستهدفه وحدة هذا الشعب وتماسكه.
ومن الجيد ظهور البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، للحديث مباشرة عقب الحادث، لإخماد ما يتم ترويجه عبر منصات السوشيال ميديا، لحماية أوتار الوحدة الوطنية ومواجهة محاولات شق النسيج الوطني لكل المصريين، كما من الجيد أيضا اهتمام الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،شيخ الأزهر الشريف، لاسيما في توجيهه بصرف إعانات نقدية عاجلة لعائلات المتوفين فى حريق كنيسة أبو سيفين وإيفاد وفد من المشيخة لمتابعة الأمور على أرض الواقع، ما يؤكد على عدم وجود فرق بين مسلم ومسيحي على أرض هذا الوطن.
الوحدة الوطنية في مصر ليست شعارات فضفاضة، بل أفعال، كونها ركيزة من ركائز مقومات هذا الوطن، وأهم دعائمه ومقوّماته التي تجمع وتربط بين أبنائه جميعا، وهو ما يمنحهم قوة كبيرة لمواجهة وردع أي عدوان خارجي أو داخلي متمرد، لحماية وطنهم من أشرار الآخرين، وحماية المجتمعات من التفرق والشتات.
والمصريون نسيج واحد امتزجت دماؤهم في ميدان المعارك والملاحم الوطنية مثلما حدث في حرب أكتوبر العظيمة 1973 ويشرفني أنني كنت أحد ضباط الاحتياط في تلك الحرب وكنا نعانق بعضنا البعض لحظة رفع العلم المصري فكلنا أبناء وادي النيل ونهتف الله أكبر.. الله أكبر. فالبحث الذي أمامنا وجيز أربعة عشر قرناً من الزمان عندما فتح عمرو بن العاص مصر في 641م وكان بطريرك الأقباط بنيامين هارباً من بطش الرومان منذ ثلاثة عشر عاماً ولما علم عمرو بن العاص أعطاه الأمن والأمان وعاد البطريرك واستقبلهم بالترحاب وساعد في إعادة الكنائس المغتصبة إلي الأقباط وإعادة بنائها وترميمها وسمح بإقامة الكنائس وسط الفسطاط وهي المدينة الجديدة التي كان الأقباط يساعدون ابن العاص في تأسيسها كعاصمة للبلاد وكمركز للإدارة وقد كان يصلي فيه المسلمون في الفضاء ولم يكن قد تم بناء مسجد لهم عاش الهلال مع الصليب