كتبت نجوى نصر الدين
هموم مثقف عربى للدكتور يحيي المرهبي
هذا الكتاب لم يولد في لحظة معينة، بل كان نتاج حضانة فكرية وحوارية دامت أكثر من أربع سنوات، تبادل فيها المؤلف الحوار والنقاش والسجال في مواضيع عديدة ومتنوعة، مع فضلاء وأعزاء جمعته بهم الأقدار، فكانت الأفكار حلقة تواصل بينهم، والعلم رحم بين أهله كما يقولون،
وقد قدم صاحب الكتاب في هذه الحوارات وجهة نظره بكل تجرد ومصداقية، بعد أن حاول أن يتفهم وجهة نظر من يحاورونه في الطرف الآخر، ويقف في المكان الذي يقفون فيه.
إن هذا الكتاب (هموم مثقف عربي)، هو بالفعل هموم عاشها مؤلفها وتفاعل معها، وحاول أن يقدم مقاربات لفهمها أو المساهمة في حلها.
و الكتاب عبارة عن قناعات فكرية، حولها صاحبها إلى كلمات وعبارات وأسطر ومقالات، قال فيها رأيه بكل مصداقية، وهذه الأفكار التي سطرها على مدى أكثر من أربع سنوات جاءت في وقتها (ابنة لحظتها)، ولذلك لم يحاول صاحبها عند رغبته في إعادة نشرها مجتمعة، أن يتدخل فيها من جديد فيعيد صياغتها أو يعدل في مضمونها
، لأنها بالنسبة له عبارة عن محطات لتطوره الفكري، فهو قبل أربع سنوات غيره الآن، فقد جرت في ثنايا فكره مياة كثيرة، يظن أنها قد وسعت أفقه إلى الأفضل والأحسن.
وقد حاول المؤلف في هذه المقالات المتنوعة، أن يُبقي على جوهر الفكرة التي تم الحوار حولها، مع إغفال اسم المحاور في الطرف الآخر، إلا في بعض المقالات التي تطلب حضور الاسم ضرورة ما، حتى تتضح الفكرة، وحرص صاحب هذه الهموم على أن يكون الهدف هو التركيز على المضمون، لأن هذا هو ما سيستفيد منه القارئ، ولذا فقد يجد بعض قراء هذه الهموم في هذا المقال أو ذاك أنه كان طرفا فيه، ومما يدخل السرور إلى قلب صاحب هذه الهموم أنه قد استفاد من محاوره واستفاد محاوره منه كما يبدو له، مع أمل أن يستفيد من هذا التفاكر جميع القراء.
وصاحب هذه الهموم، لا يزعم أن ما سطرته يداه في هذا الكتاب هو الحق المحض والصواب الكامل، وإنما هي أفكار وآراء ووجهات نظر، قالها في حينه، ولا زال يعتقد مضمونها في المجمل ـ إلا في القليل النادر ـ مع سعة صدره وترحيبه مع من يختلف معه أو له وجهة نظر مغايرة، بأنه على استعداد لتفهمها قدر المستطاع، وسيكون المؤلف أكثر سعادة لو زوده من يختلف معه بوجهة نظره، ففي هذا إثراء لما لديه من أفكار، وتعزيز لما سيطرحه مستقبلًا، إن مدَّ الله في العمر وبارك في الجهد.
أيها القارئ العزيز/ هذه قصة هذا الكتاب، وفي طياتها قصة أفكار صاحب هذا الكتاب، أقدمها لك بكامل حمولتها النفسية والوجدانية والعقلية، على أمل أن تتقبلها بقبول حسن،
وراجيا أن تحظى لديك ببعض الاهتمام، فهي هموم مثقف عربي، ربما تشترك معه فيها أو في بعضها، وربما تختلف معه فيها أو في بعضها،
ولكنه بهذا الكتاب قد فتح معك صفحة للحوار وتبادل الآراء ووجهات النظر، وألزم نفسه بأن يكون واسع الصدر بعيد الأفق مع من يختلف معه قبل من يتفق معه. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تحياتي
نجوى نصر الدين