هاجسنا الأساس يتمثل في السعي بثبات لتجاوز نمط التفكير المهيمن في ثقافة المجتمع العربي من توتر معرفي لدى الفرد والمجموعة. لهذه الاعتبارات الإعتراف بحق الإختلاف يستند إلى بعد التسامح والحلم، لتجنب الدعوة إلى تبني أي منظور تقديسي أو تحنيطي جامد أو متحيز للمصداقية أو الصلاحية التاريخية. أصبح يفتقد السواد الأعظم من الأمة العربية إلى كيفية الإستفادة من مكاسبها المنهجية المشروعة المتعددة الأبعاد والدلالات. فالمنظومة المعرفية بمرجعيتها التأويلية بدأت تتأرجح بين المراجع الدينية من مأثور وسنة و افتراء العلوم، والبروباغندا، إذ أصبح البعض ممن يلقبون أنفسهم بعلماء الدين من المسلمين يستشهدون ويبرهنون ما جاء في القرآن منذ أكثر من أربعة عشر قرنا بما يتوصلون به من نظريات ومعلومات من علماء الغرب لما يطلق عليه الإعجاز العلمي في القرآن و كذا البحوث العلمية من مراكز عالمية مشهورة تهيمن على الساحة نتيجة الدعم المبالغ فيه من أجل خدمة ايديولوجيات قابلة للنقد والتطوير والمراجعة وإعادة النظر المستديم، بل حتى للتنفيد والتجاوز، ما جعلهم يتناسوا حقيقة الأمر والأصل في هذه النظريات العلمية المستقات من القرآن الكريم بعناية وذكاء حاد تحت إسم المرجعية العلمية في البحث والدراسة، السر أن علماء الغرب يبحثون في كنه القرآن ومضامين السنة ويدرسونهما بدقة أكثر من المسلمين. لأن مجموعة من العوائق تقف حائلا أمام إطلاق مشروع الإجتهاد والابداع في الفكر العربي المعاصر بمجموعة من الطلائع المعرفية المتميزة بعطائها التنويري، سببها عمليات الإستيعاب الإيجابية لمكاسب العقل المنهجي المعاصر. إذ لا زلنا نبحث عن قادة يلهمون لشعوبهم يعتمدون على الثقة وتفويض الصلاحيات ويركزون على الرؤية المستقبلية الناجعة عملا من أجل الإستفادة الجماعية، وليس عن من يخدمون مصالحهم الشخصية ومصالح المقربين ويشعلون الخوف والفزع بين الأمة بالقرارات الجائرة والقوانين التي تخدم متطلعاتهم. لكن المؤسف، لا زال الأفراد والمجموعات يلجأون إلى الأضرحة والزوايا وأولياء الله الصالحين من الأحياء والأموات والسحرة والمشعوذين من أجل الوساطة وطلب قضاء مآربهم الدنيوية، هذا ما يحيل بهم إلى الشرك بالله مباشرة، ومن المؤسف أن الآفة تشرف عليها الجهات الرسمية إذلالا وتقديسا لتوصيات وإملاءات الإستعمار من غرض تخذير الشعوب وتشتيت أفكارهم والحد من نضجهم المعرفي، إذ ظل اختلاف وتتنوع العادات والبدع من بلد إلى بلد أكثر استقطابا لدوي العقول الضعيفة وانتشارا بين المسلمين من العبادات الالهية السمحة الثابتة. إنها منتوجات العقل التراثي والذاكرة التراثية في سياق مقاربة مركبة: التفكير من زاوية خاطئة مع أساليب المقاربة السوسيولوجية المنحرفة. فبعدما أصبحت الشعوب الاسلامية فاقدة للأهلية، عبارة عن متلاشيات بسبب تدبير شؤونها العشوائي رغم ثرواتها وما أهاب الله لها من خيرات ونعم ، اتجه تفكير الغرب الآن صوب طريقة إعادة تدويرها وقبرها بأساليبه المتعدد وبمباركة من الجهات المسؤولة. لدراسة الفكر الشخصي والجماعي بالعودة إلى جذوره مع العلم أن نقطة الإنطلاق هي ذلك الفكر في حالته الراهنة في صياغته المتناسقة المترابطة الأفكار بحيث يحيل البعض منها إلى البعض الآخر. والعودة إلى جذور الفكر تساعد دائما على فهم وحدته وتطوره.