بقلم… سيد السيسى توجد أشكال مختلفة من مشاكل الطلبة السلوكية التي تواجه المعلم في غرفة الصف توصف بأن لها أثراً مباشراً على العملية التعليمية كنسيان الأدوات المدرسية والغياب المتكرر وعدم الانتباه وكثرة الحركة داخل الصف والتحدث الصفي غير المناسب . ومشكلات أخرى تحد من فاعلية المعلم والطلاب في الصف. وهناك مشكلات تعتبر أكثر خطورة كالتخريب والاتجاه العدواني والتمرد ، ورفض القيام بالمهمات والأعمال المدرسية وتكوين الزمر والتسرب من المدرسة والتكلم بلغة بذيئة ، والسرقة ، ومخالفة أنظمة المدرسة والعزلة وغير ذلك . وبالرغم من أنه ليس من السهل التفريق بين المشكلات السلوكية وتصنيفها إلى فئات متباينة ، إلاّ أننا نفضل الحديث عن نوعين من هذه المشكلات هما المشكلات البسيطة غير الحادة والمشكلات الجوهرية ( الأكثر خطورة ). أولاً : المشكلات البسيطة التي لها أثر مباشر على العملية التعليمية : هي مشكلات تواجه المعلم في غرفة الصف تؤدي إلى إعاقة قدرة الطالب على التعلم أو تدخل في قدرة المعلم على التعليم ومن هذه المشكلات ما يلي: 1- عدم الانتباه أو تشتت الانتباه: يعد الانتباه من أهم المتطلبات لحدوث التعلم ، ويجب أن ندرك بأنه لا يمكن للتعلم أن يحدث إذا لم ينتبه الطالب للمثيرات المرتبطة بالتعلم . لذا نجد المعلم يحاول باستمرار جذب انتباه الطالب لمجريات الدرس ، باستخدام الوسائل الكفيلة بحفزه وحثه على المشاركة اليقظة في النشاط. وقد أشارت كثير من الدراسات إلى أن ضعف انتباه الطلاب يؤثر سلباً على تحصيلهم الدراسي . وعليه لا بد لذوي العلاقة أن يحققوا فهماً دقيقاً للعوامل التي تؤثر في انتباه الطلاب وسبل تحسين مستوياته والتقليل من احتمالات التشتت. وللتعرف على تشتت الانتباه وتشخيص حالة على أنها تشتت في الانتباه لا بد من ظهور ستة أعراض على الأقل والتي حددتها جمعية علم النفس الأمريكية لمدة لا تقل عن ستة أشهر وبدرجة لا تتناسب ومستويات نمو الطالب وهي : أ- يفشل الطالب عادة في التركيز على التفصيلات أو يرتكب أخطاء نتيجة عدم مبالاة في أثناء تأدية النشاطات في المدرسة أو الواجبات البيتية. ب- يواجه الطالب في العادة صعوبة في الاستمرار على التركيز في أثناء تأديته للمهام التي يكلف بها أو حتى في أثناء اللعب. ج- يظهر في معظم الحالات غير مصغ أثناء الحديث معه. د- لا يلتزم بالإرشادات التي تعطى له ، ويفشل في إنهاء أعماله في المدرسة . ه- يواجه صعوبة في تنظيم المهام والنشاطات التي يكلف بها. و- غالباً ما يكره أو يتردد أو يتجنب الانهماك في مهام تحتاج إلى تقديم جهد ذهني مستمر ، مثل : نشاطات التعلم سواء أكانت في المدرسة أو في البيت. ز- كثيراً ما يفقد أو يضيع الأشياء الضرورية لتأدية المهام أو المشاركة في النشاطات. ح- يتشوش انتباهه بسهولة نتيجة مثيرات خارجية. ط- كثير النسيان أثناء تأديته للأنشطة اليومية.
ونستطيع القول بأن تشتت الانتباه متمثل في عجز الطالب عن انتقاء المثيرات الملائمة والتركيز عليها ، أو عن عجزه في الاستمرار في التركيز على المثيرات المرتبطة بعملية التعلم أو بالمهمة الموكلة إليه.
أسباب تشتت الانتباه : من العوامل المسؤولة عن تشتت الانتباه ، عوامل داخلية وأخرى خارجية.
العوامل الداخلية : أ- الاهتمام : فالموضوعات غير المشوقة وغير المثيرة ، والتي لا يهتم بها الطالب من العوامل التي تسبب في تشتت انتباهه وتضعف من قدرته على المتابعة والتركيز. ب- حالة الطالب الجسمية : فالطالب المرهق جسمياً وعقلياً يكون عرضة لتشتت الانتباه. ج- حالة الطالب النفسية : إن زيادة مستوى القلق والإثارة عن الحد المناسب تؤدي إلى تشتت الانتباه ، فشعور الطالب بالخوف وعدم الاطمئنان ، ووقوعه تحت ضغوطات ومشاكل أسرية ، وتعرضه للتهديد والعقاب وخوفه من الفشل وهكذا ، كل ذلك يزيد من مستوى القلق عن الحد المعين مما يتسبب في تشتت الانتباه . وتجدر الإشارة هنا إلى أن وجود مستوى مناسب من القلق لدى الطالب يؤدي إلى حالة من الإثارة تزيد من دافعيته للتعلم وتزيد من القدرة على التركيز . د- قدرات الطالب العقلية : إن الطالب صاحب القدرة العقلية أو التحصيلية المنخفضة قد يفشل في فهم ومعالجة المثيرات المرتبطة بالتعلم بعد أن انتبه إليها وبالتالي فإن احتمالات فشله في تأدية المهمة التعليمية تكون أعلى وكذلك شعوره بالإحباط وبعدم الكفاءة ، مما يؤدي إلى عدم تركيزه وانتباهه لأن الفرد ينتبه للمثيرات التي يفهمها في حين أن انتباهه يتشتت بسرعة عند التعرض لمثيرات صعبة لا تتناسب مع قدراته العقلية . ه- ضعف في النمو العصبي أو خلل عضوي: هناك بعض المؤشرات التي تدل على أن أسباباً قد تكون مسؤولة عن الفروق في مقدرة الطلاب على تركيز انتباههم ، وترتبط هذه العوامل بوظيفة الدماغ بشكل أساسي. 2- العوامل الخارجية: أ- المناخ النفسي الذي يسود غرفة الصف : إن المناخ النفسي الذي يسود غرفة الصف يلعب دوراً كبيراً في مستوى انتباه الطلاب وتركيزهم ، فالمناخ النفسي الذي يمنح الطالب شعوراً بالأمن والطمأنينة ، ويشجعه على إقامة علاقات دافئة مع معلميه وزملائه ، ويلبي حاجاته النفسية يزيد من مستوى انتباهه وتركيزه ، وفي المقابل فالمناخ القائم على الصراع والتنافس بين الطلبة والتسلط من قبل المعلم ، الأمر الذي يؤدي إلى تطور اتجاهات سلبية لدى الطلاب نحو المعلم والتعلم وبالتالي أقل انتباهاً وتركيزاً على المثيرات المرتبطة بعملية التعلم . ب- البيئة المادية لغرفة الصف: إن الجو أو المناخ المادي المتمثل في تنظيم وترتيب المقاعد والإضاءة والتهوية ودرجة الحرارة والوسائل السمعية أو البصرية، وموقع غرفة الصف القريب من مصادر التشوش كالصوت القوي والرائحة النفاذة والضوء الساطع من العوامل المؤثرة في مستوى انتباه الطلاب وتركيزهم . ج- الأنشطة الصفية في الدرس: يفقد كثير من الطلاب تركيزهم لأسباب ترتبط مباشرة بالأنشطة التعليمية الصفية ، فالأنشطة غير المتنوعة ، والتي تفتقر إلى الحد الأدنى من الإثارة والتشويق ، والتي تسير على وتيرة واحدة طوال الوقت أو معظمه إضافة إلى عدم ملاءمتها لمستوى الطلاب ومراحلهم النمائية ، كل ذلك يؤثر مستوى انتباه الطلاب وانسجامهم ذهنياً من غرفة الصف لشعورهم بالملل والضجر ، ولسوء الحظ فإن هؤلاء الطلبة يختارون نشاطات خارجة عن إطار التعلم ، فالنظر خارج النافذة ، ومراقبة طلبة يلعبون في ساحة المدرسة ، والنظر الطويل في سقف غرفة الصف أكثر إمتاعاً وتشويقاً من الانهماك في أنشطة تعليمية مملة وغير مشوقة . د- نمط الانضباط الصفي: من العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى تشتت انتباه الطلاب نمط الانضباط الصفي ، فالنمط التسيبي في غرفة الصف يؤدي إلى انفلات النظام وعدم الالتزام بالقواعد والقوانين كما أن النمط التسلطي يولد القهر ويضع الطلاب في جو ومناخ نفسي غير مريح ، كل ذلك يؤدي إلى الحد من مشاركة الطلاب في الأنشطة التعليمية الصفية ، وبالتالي إلى عدم انتباههم واهتمامهم . ه- الإشباع: إن الموضوعات التي تتصل بحاجات غير مشبعة لدى الطلاب تجذب انتباههم أما إذا وصل الطلاب إلى حالة الإشباع فإنهم يتشتتون. و- المعلم نفسه : يكون المعلم في بعض الأحيان مصدراً لتشتت انتباه الطلاب فحديثه بنبرة واحدة طيلة وقت الدرس يؤدي إلى تسرب الملل إلى نفوس الطلاب وتشتت انتباههم كما أن رتابة حركة المعلم في غرفة الصف . وغياب التنويع في أنشطته وأساليبه من أسباب التشتيت لأن التعرض لفترة طويلة من الوقت أو بتكرار عالٍ يفقد هذا المثير جاذبيته لفترة طويلة مما يؤدي إلى التوقف عن الانتباه له.
الوقاية من احتمالات تشتت الانتباه وعلاجه : يتطلب الوقاية من تشتت الانتباه وعلاجه اتباع ما يلي : أ- تدريبات لإطالة فترة الانتباه : يفتقر الطلاب الذين يعانون من تشتت الانتباه ، للقدرة على التعامل مع التغييرات التي تظهر حولهم حتى لو كانت تغييرات إيجابية ، ولهذا فهم بحاجة إلى تدريب لتنظيم وقتهم واستغلاله في تأدية ما يكلفون به من مهمات ، الأمر الذي يؤدي إلى إطالة فترة الانتباه. القواعد والقوانين والتعليمات : حتى يتم جذب انتباه الطلاب ، لا بد أن يتوافر في غرفة الصف مستوى من النظام والانضباط الذي يلتزم به التلاميذ وهذا يعني وجود بعض القواعد والقوانين والتعليمات المتعارف عليها والمتفق على تنفيذها من كافة الأطراف ، وإيقاع العقوبة لمن يخالفها . ج- استخدام التقنيات التربوية وطرائق التعليم الحديثة : إن استخدام التقنيات التربوية ، يؤدي دوراً فاعلاً في زيادة درجة التشويق والإثارة في غرفة الصف . وجعل وقت الدرس وقتاً حافلاً بالنشاطات الهادفة والتفاعل الإيجابي بين المتعلم وعناصر التعليم ، وبالتالي جذب انتباه الطلاب نحو الأنشطة التعليمية ، ولقد أثبتت جميع نظريات التعلم والتربية وعلم النفس التربوي، أن التعلم الناتج عن تشارك جميع الحواس يكون أكثر معنى من التعلم الناتج عن حاسة واحدة فقط . د- تنظيم البيئة المادية لغرفة الصف: يحتاج المتعلم إلى مكان هادئ خالٍ من المشتتات ، فالمتعلم يقضي معظم يومه المدرسي داخل غرفة الصف . مما يتطلب جعل مكوناتها المادية وجوها العام مبعث راحة وطمأنينة فالمكان الجميل والنظيف والمرتب والذي تتوافر فيه التهوية الصحية والإضاءة الجيدة والحرارة المعتدلة والمقاعد المريحة والمنظمة عوامل تسهم في خلق اتجاهات إيجابية نحو مادة التعليم ، وبالتالي جذب انتباه الطالب. ه- تلبية الحاجات الأساسية للطالب: من المفيد العمل على تلبية الحاجات الأساسية للطالب بما يناسب مراحل العمل المختلفة ، فمن الضروري التأكد بأن الطالب يشعر بالأمن والآمان والحب والحرية والطمأنينة والنجاح ، كما أنه يأخذ قسطاً من الراحة ويتناول الغذاء الصحي ويرتدي الملابس المناسبة في أيام الحر والبرد وغيرها فعلى سبيل المثال الطالب الذي يشعر بالخوف أو بالبرد يؤثران سلباً على انتباه هذا الطالب لمثيرات التعلم. و- تشجيع الطالب على الانهماك في الوقت التعلمي التعليمي: يعد الانهماك في مواقف الدرس المختلفة من العوامل المؤثرة في مستوى انتباه الطالب ، ويمكن تشجيع الطالب باتباع ما يلي: أ- الإعداد المسبق للدرس. ب- إثارة حب الاستطلاع لدى الطالب ، وذلك بربط المادة بخبراته السابقة. ج- تغيير مكان وقوف المعلم داخل غرفة الصف من حين لآخر. د- تركيز وانتباه الطلاب في بداية الدرس. ه- السير في مراحل الدرس بالسرعة المناسبة لمستوى الطلاب. و- يقظته ومراقبته أثناء الدرس ، حيث أن الطلاب يحافظون على انتباههم عند شعورهم بأن المعلم يراقبهم بانتظام. ز- إنعاش انتباه الطلاب من فترة لأخرى بإدخال مثيرات تعليمية مشوقة أثناء الدرس. ح- إدارة الأسئلة الصفية واستخدامها بشكل جيد . ط- تعرف مستويات الانتباه والإثارة ، وإنهاء الموقف التعليمي عند شعور المعلم بأن هذه المستويات قد ضعفت ، وإلاّ فإن الوقت سيمضي من إثارة الانتباه على حساب محتوى المادة. وللحديث بقية….