د . وسيم السيسى متابعة عادل شلبى بدعوة كريمة من السفارة المصرية والنادى المصرى والمركز الثقافى بالنمسا «فيينا» لإلقاء محاضرات عن الحضارة المصرية، كانت هذه الرحلة الأسطورية، والحفاوة اللانهائية منذ اللحظة الأولى لوصولنا «زوجتى الدكتورة سوزان راغب، ابنتى المهندسة أفروديت، وأنا». كانت سيارة السفارة فى استقبالنا، بل كانت باقات الزهور فى المطار تحية لنا، كما كان رئيس النادى المصرى الأستاذ عبدالباسط مقلد، ومعه وفود عن الجالية المصرية فى استقبالنا، كان منهم الأستاذ نادر سعد، الأستاذ وديع داوود، والأستاذة بسمة الألفى، ومندوب عن قداسة الأنبا جبريل، ومندوب عن الوزير المفوض حازم زكى، والقنصل باسم طه. أما الأستاذ أيمن خالد فقد صاحبنا من المطار حتى الفندق، قابلنا ورودًا مصرية، هو ذا الشاب ميسرة مقلد، سفير مبادرة «اتكلم عربى»، والذى قام بدور إنسانى عظيم لكبار السن وقت كورونا، فكرّمته حكومة النمسا والسفارة المصرية ووزيرة الهجرة الدكتورة نبيلة مكرم، والشاب المهندس النابه مينا ينى، الذى يؤسس «كافيه» على مثال «كافيه ريش» المصرى، حتى يكون مركزًا للإشعاع الحضارى المصرى، ومجمعًا لكل أصحاب الفكر من كافة أنحاء العالم. وقد اقترحت عليه أن يقدم لرواد هذا الكافيه «قانون الأخلاق فى مصر القديمة» باللغات «العربية، الألمانية، الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية»، هذا القانون الذى قالت عنه عمدة برلين كارين شوبارت: «كيف كان سيكون شكل العالم لو لم تكن الحضارة المصرية القديمة؟!».. والذى قال عنه والاس بادج، عالم المصريات البريطانى: «نحن فى حاجة لقرنين من الزمان حتى نصل لهذا المستوى الرفيع من الحضارة المصرية القديمة». سرت فى شوارع فيينا وميادينها، ها هو البلد الذى اندلعت منه شرارة الحرب العالمية الأولى، رصاصة من شاب مجرم من جماعة اليد السوداء اغتالت الأرشيدوق فرانز فرديناند، وزوجته الأرشيدوقة صوفى، وكان فرانز هو ولى العهد المجرى النمساوى «كانت النمسا والمجر إمبراطورية واحدة»، وكان ذلك سنة 1914م، اندلعت الحرب العظمى، النمسا والمجر وألمانيا فى جانب، وإنجلترا وروسيا وفرنسا وأمريكا فى الجانب الآخر.. كان الضحايا أربعين مليونا غير الجرحى والعاهات.. كان اغتيال ولى العهد وزوجته فى سراييفو «صربيا» حين كان فى زيارة لها، حقًا، النار من مستصغر الشرر. قمنا بزيارة كهف المياه SEE- GROTTO، حيث كان هتلر يصنع الطائرات ويحميها من الضرب.. كما زرنا متحف الفنون والتاريخ.. ها هى الديناصورات التى عاشت قبلنا 230 مليون سنة، واندثرت منذ 60 مليون سنة بسبب كارثة كونية، ها هى نظرية دارون تتحقق أمامى فى تطور أحجام الجماجم البشرية منذ أربعة ملايين وأربعمائة ألف سنة وحتى الآن.. زرنا القسم المصرى بعظمته فى متحف التاريخ، وكان تعليق أ. نادر سعد: «ويقولون عالم ثالث!.. اللى اختشوا ماتوا!». كانت المحاضرة الأولى فى النادى المصرى بعنوان: مصير الحضارة والتى لا تعرفونها.. وكانت المحاضرة الثانية فى المركز الثقافى بحضور القنصل باسم طه والدكتورة علا عادل محمد عبدالجواد، مديرة مكتب مصر للعلاقات الثقافية والتعليمية، والأستاذ هشام حسن المدير العام لمصر للطيران، النمسا ووسط أوروبا، والأستاذ القدير محمد فاروق المترجم إلى الألمانية، والأستاذة سارة الخبيرى، وكانت المحاضرة بعنوان «الإنجازات الطبية فى مصر القديمة». أما المحاضرة الثالثة والأخيرة فى النادى المصرى ورئيسه الدينامو الذى لا يكلّ ولا يملّ الأستاذ عبدالباسط مقلد، الذى أبطل التدخين داخل النادى، والذى ينتوى أن يكون نصف مجلس الإدارة من النساء، فكانت المحاضرة: «كيف استمرت الحضارة المصرية آلاف السنين ومازالت نورًا بعيد المنال عن العالم؟ بسبب ثلاث كلمات: وجود سيادة القانون، وكيف مؤسس الإمبراطورية تحتمس الثالث أراد أن يغير فقرة فى القانون، فاعترض كبير القضاة قائلا: لا تعلو كلمة الحاكم فوق كلمة القانون!، اعتذر الإمبراطور وطلب المغفرة!». ثم كان هذا البرنامج الرائع: «من فيينا»، ومذيعه اللامع الأستاذ ممدوح مكين بمواضيعه وأسئلته التى فى الصميم.. عن مصر فى الوقت الراهن، وجماعة الإخوان، وقلت له: «عليهم أن يحفظوا ما قاله حسين بهراز الإيرانى الجنسية: »إيران هى أمى، وديانتى المحمدية هى زوجتى، أستطيع أن أُطلّق هذه، ولا أستطيع أن أُطلّق تلك«.. وأنا بدورى أقول لكم: »مصريتى قبل مسيحيتى، فللمسيحية ربٌّ يحميها، أما مصر فليس لها إلا أنا وأنت». عاشت مصر حرة عظيمة بين الأمم.