اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخبير الأمني ومكافحة الإرهاب
تحرير /أيمن بحر
الإسلام دين يقبل التعايش السلمى ويقدر ويقدس جميع أنبياء الله سبحانه وتعالى ويقدسهم عليهم السلام ويترحم على شهدائهم وموتاهم وقد أقر القرءآن الكريم بذلك ونوضح ذلك بالآتى.
الصابئة ذكرت هذه الطائفة من الناس فى ثلاثة مواضع من القرآن ؛ فأولها فى قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ، والثانى فى قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17 ، والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 والصابئون جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه ديناً، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه، وكل خارج من دين كان عليه الى آخر غيره، تسميه العرب : صابئاً … يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..) أنظر تفسير الطبرى 2/145 ، لسان العرب صبأ. وهذه أمة قديمة قبل اليهود والنصارى، وهم أنواع : صابئة حنفاء، وصابئة مشركون، وكانت حران دار مملكة هؤلاء قبل المسيح ولهم كتب وتآليف وعلوم، وكان فى بغداد منهم طائفة كبيرة، منهم إبراهيم بن هلال الصابئ صاحب الرسائل، وكان على دينهم ويصوم رمضان مع المسلمين، وأكثرهم فلاسفة ولهم مقالات مشهورة ذكرها أصحاب المقالات.
ديانة الصابئة هى أحد الأديان الإبراهيمية وأتباعها من الصابئة يتبعون أنبياء الله آدم، شيث، إدريس، نوح، سام بن نوح، يحيى بن زكريا وقد كانوا منتشرين فى بلاد الرافدين وفلسطين، ولا يزال بعض من إتباعها موجودين فى العراق كما أن هناك تواجد للصابئة فى إقليم الأهواز فى إيران الى الآن ويطلق عليهم فى اللهجة العراقية «الصبّة» كما يسمون، وكلمة الصابئة إنما مشتقة من الجذر (صبا) والذى يعنى باللغة المندائية إصطبغ، غط أو غطس فى الماء وهى من أهم شعائرهم الدينية وبذلك يكون معنى الصابئة أى المصطبغين بنور الحق والتوحيد والإيمان، تدعو الديانة الصابئية للإيمان بالله ووحدانيته مطلقاً، لا شريك له، واحد أحد، وله من الأسماء والصفات عندهم مطلقة، إعتقد الصابئة بأن شريعتهم الصابئة الموحدة تتميز بعنصرى العمومية والشمول، فيما يختص ويتعلق بأحكامها الشرعية المتنوعة، والتى عالجت جميع جوانب وجود الإنسان على أرض الزوال (تيبل)، ودخلت مفاهيمها فى كل تفاصيل حياة الإنسان، ورسمت لهذا الإنسان نهجه ومنهجيته فيها فتميزت هذه الشريعة بوقوفها من خلال نصوصها على مفردات حياة الإنسان الصابئي، إستوعبت أبعادها، وشخّصت تَطوّرها وأدركت تكاليفها ودخلت فى تفاصيلها، فهى شريعة الله الحى القيوّم، وشريعة أول أنبيائه (آدم وشيث ونوح وسام بن نوح وإدريس ويحيى) مباركة أسمائهم أجمعين، وعندهم إن الإنسان الصابئى المؤمن التقى يدرك تماماً، أن (القـوة الغيـبيّـة) هى التى تحدد سلوكه وتصرفاته، ويعلم أيضاً أن أى إنسان مؤمن ضمن الإطار العام لهذا الكون الواسع وضمن شريعته السماوية اليهودية والمسيحية والإسلامية، يشاطره هذا الإدراك والعلم، حيث إن مصدر جميع هذه الأديان هى الله مسبح إسمه، وإعتبرهم مشايخ المسلمين بكونهم من أهل الذمة لأن جميع شروط وأحكام أهل الذمة تنطبق عليهم، لكونهم أول ديانة موحدة، ولهم كتابهم السماوى، وأنبيائهم التى تجلها جميع الأديان، مع ذكرهم بالقرآن الكريم، ولكونهم لم يخوضوا أى حروب طيلة تعايشهم مع الأديان الأخرى التى تلتهم بالتوحيد، وعند دخول سعد بن أبى وقاص للعراق وعدهم بالأمان. لذلك تعايش الإسلام مع جميع هذه الملل، ويترحم على جميع موتاهم، والحساب بالنيات عند رب العزة.