نقاط بعيدة خارح الحدود وصل إليها جيشنا المصري الذي أسسه محمد علي باشا، ذلك الجيش الذي نجح في ضم أراضي الحجاز و أعاد قلب الجزيرة العربية (الدرعية) إلى قبضة السلطان العثماني١٨٣٣، و حارب لحساب الدولة العثمانية في اليونان(حرب المورة) و وطأت أقدام جنوده أثينا ١٨٢٤، و ساهم في إنتصار الحلفاء ( فرنسا – إنجلترا – الدولة العثمانية) علي روسيا فيما يعرف ب (حرب القرم) ١٨٥٥. بل توغل في قلب أفريقيا حتي وصل إلي البحيرات العظمي ، و بحلول العام ١٨٧٢ بات العلم المصري يرفرف علي جميع دول مجري النيل عدا الحبشة.
و في تحد من نوع آخر و في ١٨٣٣ وصل الجيش المصري إلي مشارف الآستانه بعد سلسلة إنتصارات علي جيوش السلطان العثماني في عقر داره ، مما إضطر القوي الدولية آنذاك إلى الضغط علي محمد علي باشا بسحب قواته و العودة الي حدود الدولة المصرية خوفا من قوة الجيش المصري.
هذا و قد وصل الجيش المصرى إلى أبعد نقطة علي الكرة الأرضية، حين شارك مع القوات الفرنسية في حرب اطلق عليها (حرب إستقلال المكسيك) لسد الفراغ الذي خلفه إنسحاب القوات الانجليزية و الإسبانية من المعارك بسبب إرتفاع درجة الحرارة، و إنتشار الحشرات الناقلة للعدوي في المكسيك، بعد ٤ أشهر من بدء القتال.
في ٩ يناير ١٨٦٣ و بعد موافقة سعيد باشا علي طلب صديقه الإمبراطور الفرنسي لوي نابليون، إنطلقت السفينة الحربية (سين) من ميناء الإسكندرية و علي متنها كتيبة قوامها ٤٤٧ من الضباط و الجنود تحت قيادة ضابط تركي، متجهة الي فرنسا و منها الي المكسيك، و بعد ٤٤ يوما في البحر وصلت السفينة الي ميناء فيراكروز بعد أن قطعت مسافة ١٢٥١٣ كيلو متر. إنحصرت مهمة الكتيبة المصرية في حماية خط السكة الحديدية بين مدينتي فيراكروز و سوليداد، و أبلوا بلاءا حسنا ضد العصابات المسلحة في تلك المنطقة الحيوية، و قد أبدي الجنرال الفرنسي (فوريه) إعجابه بشجاعة الجنود المصريين، و إصطحب معه ٨٠ منهم عندما دخل مكسيكوسيتي منتصرا، و وصفهم بالأسود.
في ١٨٦٧ قررت فرنسا سحب قواتها من المكسيك بعد الدعم الذي تلقاه خواريز من الولايات الأمريكية، و لمواجهة الخطر القادم من الشرق بقيادة بسمارك مستشار دولة بروسيا (ألمانيا حاليا ) وفي ٩ مايو ١٨٦٧ قام إمبراطور فرنسا و السفير التركي بإستقبال ما تبقي من أفراد الكتيبة المصرية (٣٢٦ ) في شوارع باريس، و تم منح ٥٦ منهم وسام الشرف الفرنسي، و هو أعلي وسام تكريم في فرنسا.
بعد العودة الي مصر إستقبلهم شعب الإسكندرية، و أقام لهم الخديوي إسماعيل وليمة علي شرفهم في قصر رأس التين، و تم ترقيتهم جميعا. وهكذا و بعد ٤ سنوات من المعارك علي أرض كان يجهلها المصريين ، خلدت لنا نيران البنادق قصصا لبطولات و أوجعت قلوبنا بتضحيات و دماء مصرية سالت خلال حرب لم يكن لنا فيها ناقة و لا جمل ،بعد أن واري التراب جثمان ١٢١ جنديا كانوا ثمنا لصداقة بين والي مصر و إمبراطور فرنسا !!!.