ليبيا تجدد الصراع العسكرى. صراع بين حكومتين بليبيا! فتحى باشاغا: كيف سيتأثر الصراع فى ليبيا بإشتباكات طرابلس؟
هزّ قتال عنيف العاصمة الليبية طرابلس ليل الثلاثاء وشهدت شوارعها إشتباكات وتبادلاً لإطلاق النار مع محاولة رئيس الوزراء المنتخب من قبل البرلمان فى شرقى ليبيا فتحى باشاغا دخول المدينة للمطالبة بالسلطة. وقال سباستيان آشر محرر شئون الشرق الأوسط فى الخدمة العالمية من بى بى سى إن صوت الأسلحة الثقيلة تردد صداه فى شوارع العاصمة الليبية فى تذكير مزعج بالعنف الذى عانت منه البلاد طوال سنوات.
وظلت أصوات الأسلحة الثقيلة والبنادق الرشاشة تسمع فى العاصمة حتى صباح الثلاثاء، حيث أغلقت المدارس أبوابها وكانت حركة السير فى ساعات الذروة الصباحية أقل من المعتاد بكثير، وإستمر إطلاق النار المتقطع بعد مغادرة باشاغا للمدينة، لكنه هدأ فى وقت لاحق من صباح اليوم.
وبعيداً عن الجانب الشمالى الشرقى من العاصمة حيث إشتدت الإشتباكات، لم تشهد الأحياء الوسطى حيث تسيطر حكومة رئيس الوزراء الحالى عبد الحميد الدبيبة أى نشاط عسكرى.
وكان مجلس النواب الليبى كلّف باشاغا برئاسة الحكومة فى شباط/ فبراير الماضى ولكن الدبيبة ظل فى منصبه رافضاً تسليم السلطة.
وكان تصويت البرلمان لصالح إختيار باشاغا كرئيس للوزراء قد قوبل بتحفظات من قبل الأمم المتحدة على لسان أمينها العام كما أن التعيين لم ينل إعترافاً دولياً إذا ما تم إستثناء إعتراف الحكومة الروسية بحكومة باشاغا.
لكن الأمم المتحدة وعبر المستشارة الخاصة لأمينها العام بشأن ليبيا ستيفانى وليامز أبقت خطوط الإتصال مفتوحة مع كلا الجانبين ضمن مساعيها للتوصل الى مخرج للأزمة عبر تحقيق توافق ما بين الطرفين.
قال مكتب باشاغا إنه دخل العاصمة خلال الليل بعد شهرين من الجمود بين الإدارتين المتنافستين فى ليبيا لكنه إنسحب بعد ساعات وقال باشاغا فى تغريدة له على تويتر: رغم دخولنا السلمى للعاصمة طرابلس دون إستخدام العنف وقوة السلاح وإستقبالنا من قبل أهل طرابلس الأفاضل فوجئنا بالتصعيد العسكرى الخطير الذى أقدمت عليه مجموعات مسلحة تابعة للحكومة منتهية الولاية. وأضاف بأن انسحابه من العاصمة جاء لتجنب تعريض المدنيين للخطر. وقال: إن تعريض سلامة المدنيين للخطر جريمة يعاقب عليها القانون ولا يمكن أن نساهم فى المساس بأمن العاصمة وأهلها الآمنين.
وقالت خبيرة الشأن الليبى فى مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازينى، فى مقابلة مع موقع بى بى سى نيوز عربى إنها تعتقد أن محاولة باشاغا دخول العاصمة كانت سوء تقدير إذ إعتقد أنه يتمتع بدعم أكبر مما لديه فى الواقع فى أوساط الجماعات المسلحة فى طرابلس وأضافت غازينى بأن باشاغا يتمتع بدعم كتيبة النواصى التى تعتبر واحدة من الجماعات المسلحة الكبيرة فى طرابلس ورجحت أن يكون قد تلقى تطمينات بأن كل شئ سيكون على ما يرام لكن هذا لم يكن واقع الحال وتقول غازينى إن بعض الإستخبارات الأجنبية التى كانت تدعم باشاغا تكتيكياً ربما تكون قد شجعته أيضاً على القيام بتلك الخطوة لكنها كانت سوء تقدير كبير ومن الواضح أنها إرتدت عليه سلباً.
يكتب سباستيان آشر إن محاولة باشاغا ربما أخفقت فى الوقت الراهن، لكنها أثارت مخاوف من إغراق البلاد مرة أخرى فى صراع مفتوح بين الشرق والغرب فى ظل التقدم البسيط الذى تحرزه المحاولات الدبلوماسية المتجددة.
وكان يفترض بخريطة الطريق السياسية التى تم التوصل اليها بدعم من الأمم المتحدة أن تنهى هذا الوضع لكن الفشل فى إجراء الإنتخابات التى كانت مقررة نهاية العام الماضى بدأ يعيد البلاد تدريجياً الى حالة من الإضطرابات والإنقسام. وكان المأزق السياسي قد قاد بالفعل الى فرض حصار جزئى على منشآت ليبيا النفطية ما أسفر عن تخفيض المصدر الرئيسى للإيرادات الأجنبية إلى النصف.
وفى ظل وضع لا يبدو فيه أى من الطرفين قادراً على إرساء تفوق عسكرى حاسم فى عموم البلاد، يبدو أن ليبيا تدخل مرحلة من الجمود مع تخندق الدبيبة بحزم فى طرابلس وعدم قدرة خصومه على السيطرة عليها. وهذا الوضع من شأنه أن يطيل من إغلاق المنشآت النفطية الرئيسية من قبل القوات فى شرقي ليبيا المرتبطة بالقائد العسكرى خليفة حفتر الذى يدعم باشاغا أو أن يؤدى الى تصاعد الإشتباكات خارج العاصمة. وتقول غازينى إنها لا تتوقع إندلاعاً واسعاً للقتال على شكل تصعيد بين الطرفين على الأقل فى المدى القصير وتعزو ذلك الى ما تصفه بإنعدام الشهية لحرب واسعة فى ليبيا من قبل الداعمين الأجانب للأطراف الليبية غير أنها تعتقد أن أحداث الليلة الفائتة سيكون لها تأثير مدمر على الآفاق السياسية للبلاد إذ أنها تأتى على خلفية المحادثات التى تقودها الأمم المتحدة فى القاهرة لشق طريق للخروج من حالة الجمود الليبية.
وترى غازينى أن فرص نجاح تلك المحادثات فى الوصول الى إجماع ضئيلة وقد أصبحت أكثر قتامة مع إشتباكات الليلة الماضية.