متابعة عادل شلبى أنا هربرت جورج ويلز، ولدت فى كنت بإنجلترا ١٨٦٦م، وغادرت هذا العالم ١٩٤٦م، قرأت لكثيرين ولكنى تأثرت بواشنطن إيرفنج، ملك القصة القصيرة، وتشارلز ديكنز المعروف، درست الأحياء، الكيمياء، الفلك، كتبت آلة الزمن ١٨٩٥، الرجل الخفى ١٨٩٧، حرب العوالم ١٨٩٨، معالم تاريخ الإنسانية ١٩١٩، سافرت إلى روسيا ١٩٢٠، قابلت لينين، ستالين، تروتوسكى.
كما سافرت إلى أمريكا وقابلت فرانكلين روزفلت، كان خيالى خصبًا، ابتكرت آلة الزمن التى ارتحلت بها عبر الزمان والمكان، كنت أول من تحدث عن البعد الرابع «الزمن» والذى حققه علميًّا ألبرت أينشتين فى نظريته النسبية، ارتحلت بآلة الزمن إلى المستقبل القريب فكان التليفزيون، ناطحات السحاب، الطائرات الأسرع من الصوت، الرادارات، كاميرات المراقبة والتجسس، أما المستقبل البعيد فهذا أمر شرحه يطول، وافقت دارون فى نظرية التطور، وخالفت نيتشه فى الإنسان الأعلى، تأثرت بدانتى «الكوميديا الإلهية».
كما تأثر دانتى بأبى العلاء المعرى فى رائعته «رسالة الغفران»، كما تأثر أبوالعلاء بالأوديسة «هوميروس»، الإلياذة «فرجيل»، الضفادع «أريستوفان»، وكل هؤلاء وأنا منهم أخذنا عن عقيدة مصر القديمة «محاكمة الروح» بعد الموت أو الخروج إلى النهار «بر إم هيرو»، وأخيرًا الأستاذ ماجد الحداد، الباحث فى الإنثروبولوجى وعلم المصريات، استعار منى آلة الزمن وأخرج كتابه «بائع الأحلام»، ففى «المجمع المستحيل»، يتخيل حال الأديان فى المستقبل.
ولكن ما كان يجب أن يكون الحوار بهذا الشكل ص١٦، يحدثنا ماجد عن شروط الدخول إلى «الجنة»، نجد أسماء تحوت، هيباتيا، آمون، حنفى زيدان، الحلاج، أينشتين، الفارابى، دميانة، جرجس، زويل، مجدى يعقوب، يصرخ واحد من الذين لم يمروا «إلى الجنة»: كم قلنا لكم إن من اخترع مكيف الهواء سيمر، وهذا معناه أن فكرة الثواب والعقاب عند ماجد مختلفة عما تعارف عليه الناس.
أما فى فصل «النور والظل» فالبرغم من صعوبة المتابعة والتفريعات فى الحوار فإنه تخرج من هذا الفصل بأن الثقافة اليونانية بما فيها من فنون وآداب، إنما هى مأخوذة عن الحضارة المصرية القديمة، وقد أعلنها وارن داوسن: العلوم جميعًا، خاصة الطب، نشأت فى مصر منذ أكثر من خمسين قرنًا قبل الميلاد، كما أكدها مارتن بارنال فى كتابه أثينا السوداء «مصر»، ولعلنا نذكر الكاهن الذى ربت على كتف سولون قائلًا: «أنتم اليونانيون أطفال بالنسبة لنا»، وهذا ما قاله دكتور طه حسين: «اليونانيون يعرفون أنهم تلاميذ للمصريين فى حضارتهم الراقية». «مستقبل الثقافة فى مصر».
هناك فارق كبير بين ما يكتبه أ. ماجد الحداد الآن وهو فى سن السادسة والأربعين، وبين ما ضمنه فى هذا الكتاب من سن ١٦ حتى سن ٢٦، فالآن تجد فى كتاباته نضجًا ورؤية وهدفًا، بينما فى هذا الكتاب تجد ألفاظًا ما كان يجب أن تُكتب، ومتاهة لا تعرف معها ماذا يريد أن يقول، ولكن السن لها أحكام.
عاد إلىَّ أ. ماجد وسلّمنى آلة الزمن التى استخدمها من قبله كثيرون، ومنهم دانتى فى المطهر والجحيم والفردوس، وقد أجرى الدكتور لويس عوض دراسة جميلة بعنوان «الأصول الإسلامية فى الكوميديا الإلهية»، وكيف أخذ دانتى من أبى العلاء الكثير من رسالة الغفران، خصوصًا فى التحورات METAMORPHOSIS، نجد فى جنة الحيات، كيف تتحول الأفعى إلى غانية قائلة لابن القارح صديق أبى العلاء: لو شئت أنتفض لك من إهابى .. حتى أصير لك من أجمل الغوانى. أخذ دانتى الفكرة، وجعل ثمار الجنة تتفتح عن أجمل الفتيات. لعل صاحب هذه السطور يحدثكم عن رسالة الغفران فهى كما قال الدكتور طه حسين: إنها درة الأدب العربى لا أستثنى منه شيئًا.