متابعة عادل شلبى بدأ العديد من المفكرين العسكريين والسياسيين في وضع تصور احتمالات وسيناريوهات عمل القوات الروسية بعد سقوط مدينة ماريوبول من خلال أربع سيناريوهات محتملة، الأول يقوم علي اساس سرعة استيلاء القوات الروسية علي منطقة شرق أوكرانيا من خلال استكمال الاستيلاء علي منطقة دونباس لتأمين كل حدود الجمهوريات الانفصالية دونتسيك ولوغانسيك بحيث تصبح السيطرة كاملة علي هذه الجمهوريات وفي نفس الوقت تتقدم القوات الروسية لمهاجمة أوديسا والتي غالباً ما سيتم ذلك من خلال إنزال بحري من البحر الأسود حيث أن مهاجمة هذه المدينة من اتجاه الغرب ستتعرض فيه القوات الروسية الي قتال شرس من حدود المدينة ولذلك سوف تركز القوات الروسية كافة امكانياتها النيرانية في هذا الاتجاه وتأمل القوات الروسية تحقيق هذا الهدف بلاستيلاء علي مدينة أوديسا مع أوائل الشهر القادم قبل التاسع من مايو يوم الاحتفال بعيد النصر للجيش الأحمر الذي انتصر فيه علي النازي الالماني في الحرب العالمية الثانية وعادة ما يجري احتفال عسكري كبير في موسكو كل عام في الميدان الأحمر حيث يأمل بوتن أن يعلن في هذا اليوم عيد النصر أنه حقق نصره الأكبر علي أوكرانيا بتمام الاستيلاء علي شرق أوكرانيا وأصبح له السيطرة الكاملة علي بحر آزوف والبحر الأسود وأصبحت أوكرانيا دولة لاشاطئية محرومة تماماً من أكبر الموانئ في دولتها ماريوبول وأوديسا وفي هذه الحالة لو نجح بوتن في تحقيق هذا النصر سيعلن توقف القتال ويبدأ في المفاوضات مع أوكرانيا ولتنفيذ شروطه للسلام التي تتضمن إعلان أوكرانيا دولة محايدة طبقاً للمواصفات الدولية مع تحديد إعداد القوات المقاتلة في الجيش الأوكراني الا تزيد عن 50-40 ألف مقاتل. والشرط الثاني هو عدم انضمام أوكرانيا الي حلف الناتو أو أي حلف عسكري آخر ويأتي الشرط الثالث في اتفاق السلام هو موافقة أوكرانيا علي ضم شبه جزيرة القرم الي روسيا.. أما الشرط الرابع فهو اعتراف أوكرانيا بانفصال الجمهوريتان لوغانسيك ودونيسك عن أوكرانيا وفي حالة عدم قبول أوكرانيا لهذه الشروط لتوقيع اتفاقية السلام فإن بوتن سيعلن استمرار القتال في باقي اتجاهات أوكرانيا ومن المتوقع أن توافق أوكرانيا علي الشرط الأول وهو حياد الدولة والشرط الثاني وهو عدم انضمامها الي حلف الناتو، أما الشرط الثالث بخصوص الموافقة علي ضم شبه جزيرة القرم فهو موضوع شائك من الصعب قبول الرئيس الأوكراني به ، أما الشرط الرابع بخصوص الاعتراف بالجمهوريتان الانفصاليتان فمن الممكن قبول أوكرانيا منحهم الحكم الذاتي وهو أمر قد تقبله روسيا مؤقتاً في حالة الوصول الي حل بخصوص مشكلة شبه جزيرة القرم. أما السيناريو الثاني للقوات الروسية في حالة عدم موافقة أوكرانيا علي وقف القتال وتوقيع اتفاقية السلام فإنه من المنتظر أن تتقدم القوات الروسية في اتجاه جنوب أوكرانيا في اتجاه لفيف علي الحدود البولندية حيث أن الهدف من هذا الاتجاه هو إغلاق الحدود بين أوكرانيا وبولندا حيث هي الطريق البري المفتوح حالياً لوصول الدعم العسكري من الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو الي أوكرانيا كما أن مدينة لفيف كان الرئيس الأوكراني زيلينسكي يعدها لتكون العاصمة المؤقتة التي ينتقل اليها بعد سقوط كييف خاصة أن العديد من السفارات الأجنبية قامت بالفعل في الأيام الأولي من القتال وحصار كييف بالنقل الي مدينة لفيف ونري أن هذا الاتجاه الثاني للقوات الروسية يمثل أكثر احتمال نظراً لضعف الدفاعات وحجم القوات الأوكرانية هناك لأن التركيز في السابق كان في اتجاه العاصمة كييف. أما السيناريو الثالث فهو أن تتقدم القوات الروسية في اتجاه المناطق الانفصالية في مولدافيا ثم تبدأ روسيا في إجراء استفتاء في الجمهوريتان الانفصاليتان شرق أوكرانيا ومعها مناطق ماريوبول وأوديسا ومناطق مولدافيا بهدف فصل شرق أوكرانيا عن الدولة الأم وهذا الأمر أزعج مولدافيا عندما اعلن أحد القادة الروس ذلك في الأسبوع الماضي. أما السيناريو الرابع فهو تحويل القوات الروسية اتجاهها بعد الاستيلاء علي شرق أوكرانيا وسقوط أوديسا الي مهاجمة كييف العاصمة وإعادة حصارها ويتسائل البعض لماذا يكون اتجاه كييف هو السيناريو الرابع وليس الثاني يكون الرد بأن الهجوم علي لفيف أسهل وحجم القوات الأوكرانية هناك أقل والأهم من ذلك كله أن بوتن يريد أن تكون دولة أوكرانيا موجودة برئيسها وحكومتها وعاصمتها عند توقيع أي اتفاقية سلام لأن توقيع اتفاقية سلام دون وجود الدولة والرئيس لن يعترف به المجتمع الدولي. ومن هنا نتذكر معاً تراجع بوتن بعد اليوم الثاني من بدء القتال مع أوكرانيا يوم 26 فبراير الماضي عن فكرة ازاحة الرئيس الأوكراني زيلينسكي وتعيين رئيس جديد بل طالب أيامها الجيش الأوكراني بأن يتولي الحكم بعدها تراجع بوتن والغي هذه الفكرة حتي يظل الرئيس الأوكراني المنتخب من الشعب هو الذي سيوقع علي أي اتفاقية سلام قادمة مع روسيا حالة نجاح روسيا في تحقيق النصر وتوقيع اتفاقية سلام مع أوكرانيا بعدها سوف تدخل روسيا في مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو حيث لن تنسحب من الأراضي الأوكرانية الا بعد ضمان الغاء كافة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وحتي اليابان علي روسيا واعتقد أن تلك ستكون أصعب المفاوضات لأن الولايات المتحدة وباقي الدول تريد ضمان الا تكرر روسيا مثل هذه العمليات مستقبلاً وتهاجم أحد الدول المجاورة لمجرد تفكيرها في الدخول لحلف الاطلنطي وهذه مشكلة أخري سيتم مناقشتها في مثال آخر.