صنع مسلسل بابور اللوح الحدث في الجزائر، إثر تناوله موضوع الهجرة غير الشرعية وقد حقق نسب مشاهدة عالية خلال الأيام الأولى لشهر رمضان مع بعض الانتقادات التي طالته عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويعد (بابور اللوح) أول عمل درامي جزائري يتناول قضية الهجرة غير الشرعية الحرقة وهي القضية التي لم يتطرق لها التلفزيون الجزائري عبر الدراما، وقد ظلت محور الأعمال السينمائية الجزائرية حيث تناولها المخرج الجزائري مرزاق علواش والراحل موسى حداد في أعمال سينمائية فقط.
وأرجع الممثل الجزائري مصطفى لعريبي الذي يشارك في المسلسل بدور نصرو الجدل الذي طال العمل إلى طريقة الإخراج والرؤية الفنية الجديدة التي جاء بها وهو يتناول واحدة من أكثر القضايا التي تهم الشباب اليوم وحتى الحكومة لبعدها الإنساني.
وقال لعريبي : قضية الهجرة السرية ليست لها جنسية محددة ويمكن إسقاطها على العديد من المجتمعات فهي ظاهرة عربية وإفريقية بامتياز وقد حاولنا أن نقدم عملا فنيا بعيدا عن البروباغاندا.
ويرى الممثل الجزائري أن تقديم مثل هذا النوع من الأعمال يتطلب جهدا كبيرا حيث استغرقت مدة إنجاز المسلسل ثلاثة سنوات كاملة وهو أمر نادر الحدوث في الدراما الجزائرية التي تعاني من مشكلة تصوير الأعمال في الأشهر الأخيرة قبل شهر رمضان بسبب الميزانيات.
وأكد لعريبي أن كل ممثل في هذه السلسلة قدم دورا مختلفا عن الأدوار التي سبق له تقديمها في أعماله السابقة.
وقال: لقد أعجبت بالسيناريو وخاصة دورنصرو الذي أقدمه لأول مرة وهو مختلف عن أدواري السابقة في الدراما.
ويبدأ المسلسل بتوجيه تحيه لأرواح ضحايا الهجرة غير الشرعية حيث كتب في مقدمته: “هذا العمل مهدى إلى أرواح كل شباب الجزائر الذين ركبوا قوارب الموت معتقدين أنها طوق النجاة فاختطفتهم منا أمواج البحار وأخذتهم بعيداً.
وقد كانت السلسلة على وشك أن تتوقف بقرار من سلطة ضبط السمعي البصري، التي استدعت إدارات القناة العارضة لبابور اللوح ووجهت لها مجموعة من الاستفسارات التي تتعلق بمضمون العمل ومدى مراعاته لحرمة شهر رمضان.
وقال الممثل عبد القادر جريو أن سلطة الضبط تفهمت الأمر في الأخير وقامت بحل المشكل بسرعة في الساعات الأولى لتلقى الاستفسار وهو ما أعطاهم الحق في مواصلة بث حلقات المسلسل دون توقف وسط الكثير من اللغط الموجود في مواقع التواصل الاجتماعي الذي ما يزال يحاول تشويه العمل الفني.
ويجمع المسلسل نخبة من أبرز الممثلين الجزائريين الشباب في مقدمتهم الممثل عبد القادر جريو ومحمد حساني وسهيلة معلم وسامية مزيان وأحمد مداح وياسمين عماري بالإضافة إلى مصطفى لعريبي وفضيلة حشماوي وعزيز بوكروني وهو من إخراج التونسي نصر الدين تسهيلي.
ومعظمهم ممثلون شباب من مواليد الثمانينيات وقد قرروا صناعة دراما مختلفة عن التي يعرضها التلفزيون العمومي على المشاهد الجزائري لعقود من الزمن
ويرى الممثل الجزائري الشاب محمد حساني الذي يشارك في مسلسل بابور اللوح أن المناخ الإبداعي في الجزائر ما زال يواجه الكثير من التحديات.
وقال حساني العمل التلفزيوني ليس سهل وقد حاولنا تقديم عمل مختلف بروح عصرية تليق بالمشاهد الجزائري ويحترم العائلة الجزائرية، فنحن أيضا نشاهد هذا العمل مع عائلاتنا في البيت.
ويأتي هذا المسلسل الجزائري في الوقت الذي تعرض فيها إحدى القنوات التلفزيونية التونسية عملا مشابها في جزئه الثاني بعنوان حرقة… الضفة الأخرى للمخرج الأسعد الوسلاتي والذي يتناول قصص الشباب التونسي مع الهجرة غير الشرعية.
ويرى الناقد الجزائري جمال محمدي، أن ظاهرة الهجرة السرية فرضت نفسها على الدراما الجزائرية وذلك بالنظر لتداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتشير الأرقام الرسمية التونسية إلى أن ظاهرة الهجرة السرية أصبحت تفتك بالشباب التونسي وتستقطب إليها الأطفال والنساء سنويا حيث وصل أكثر من 5 آلاف قاصر تونسي عبر قوارب الموت إلى السواحل الإيطالية خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وقال الناقد الفني من المهم جدا أن تتناول الدراما العربية المواضيع الآنية وتطرح القضايا التي تمس أكبر شريحة من المجتمع لأنها مواضيع تحمل أبعاد فنية وإنسانية ومشاعر قوية وهذا ما يجتاحه أي عمل درامي لينجح.