قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن بلاده لا تمانع الالتزام بالحياد في إطار تسيير المفاوضات مع الجانب الروسي بينما أوضح فلاديمير ميدينسكي كبير المفاوضين الروس في المفاوضات مع أوكرانيا أن الحكومة الأوكرانية وافقت في وقت سابق على المطلب الروسي بعدم الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وحسب الكاتب المختص في الشأن الدولي أحمد دياب فقد بدا الرئيس الأوكراني زيلنيسكي مستعدًا للتفاوض حول شروط التسوية الروسية النهائية للصراع في أوكرانيا التي اعتبرها سابقًا تعجيزية.
وأشار دياب في دراسة نشرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات الأحد، تحت عنوان الحياد الأوكراني.. السياقات التاريخية والضرورات السياسية والتصورات المستقبلية إلى أنه في مقابلة مع قناة ABC الأميركية في 8 مارس 2022 قال زيلنيسكي إن لدى كييف حلًّا ممكنًا لهذه المسائل موضحًا أنه بخصوص الانضمام إلى الناتو فإن التحالف لا يفضل الأمور الجدلية ويتجنب المواجهة مع روسيا
وأوردت الدراسة أن الحياد الدائم هو حل أوروبي للغاية لمشكلة أوروبية للغاية: التهديدات الجيوسياسية المتبادلة. وقد نجح هذا الحل لأن الدول العازلة المحايدة قللت من تصعيد المعضلة الأمنية. الدول المحايدة بشكل دائم، حتى عندما يكون لديها جيوش -وهو ما تفعله جميعها تقريبًا- لا تشكل تهديدات هيكلية للقوى العظمى على التحالفات والتحالفات المضادة. لكن من أجل ظهور حل محايد حقًّا يحتاج المرء إلى ثلاثة مكونات: استعداد أحد الأطراف واستعداد الطرف الآخر واستعداد الدولة المعنية لبدء لعب دور محايد.
وأوردت الدراسة أنه من المرجح أن تصر روسيا على الاعتراف الغربي الرسمي بالحياد الأوكراني أيضًا فضلًا عن نوع من الآلية الدولية (بمشاركة روسية) لـ تفسير ما هو مسموح به لأوكرانيا بموجب شروط حيادها.
وتشير إلى أنه ليس من الواضح ما سيكون في مثل هذه الاتفاقية بالنسبة إلى أوكرانيا وهناك مسألة أي نسخة من أوكرانيا ستعترف روسيا بها كدولة ذات سيادة إذا وافقت أوكرانيا على أن تصبح محايدة أيضًا.
يقول الباحث إن رؤية موسكو لدولة تابعة شبيهة ببيلاروسيا تتمتع بسيادة مشروطة ومحدودة للغاية هي رؤية رفضتها أوكرانيا بشكل واضح وثابت على مدار الثلاثين عامًا الماضية. ويبدو من غير المحتمل أن يكون الحياد وفقًا لهذه الشروط هو الأساس لكيفية انتهاء هذا الصراع.
وأضاف أنه كان من الممكن أن يكون الحياد الأوكراني مع الهيكل الفيدرالي حلًّا كان من الممكن أن ينزع فتيل الوضع برمته منذ سنوات عديدة. حتى قبل أشهر فقط وهذا سيكون منطقيًّا لجميع الأطراف المعنية والآن لم يعد هناك بديل آخر وسيكون البديل إما حيادًا دائمًا وإما تقسيمًا دائمًا وإما في أسوأ الأحوال احتلالًا دائمًا لأوكرانيا. أوكرانيا الفيدرالية والمحايدة هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في أوكرانيا والسلام في المنطقة.
وتابع أنه يمكن القول إن الخيار المثالي لأوكرانيا الجديدة هو المفاوضات الثلاثية بين الناتو وروسيا وأوكرانيا التي تكفل حيادها العسكري ونوعًا من الاتحاد الجمركي المشترك بين الاتحاد الأوروبي وروسيا فليس من مصلحة أحد وبخاصة الأوكرانيين أن يستمر الصراع بين روسيا والغرب حول مصير بلادهم وتوجهاتها الخارجية
وأضاف ما يزال بإمكان أوكرانيا المحايدة التجارة والتعاون مع الغرب، وسيظل المزيد من التكامل التجاري مع الاتحاد الأوروبي ممكنًا ما دام يتماشى مع التكامل مع الاقتصاد الروسي لتحقيق التوازن بين الاثنين. والناتو وروسيا محكوم عليهما بالتعاون إذا كان لا بد من إنشاء هيكل أمني فاعل. وبالنسبة إلى روسيا فإن هذا يعني وقف الحرب دون احتلال دائم وأن تقبل أوكرانيا وضعًا فيدراليًّا ومحايدًا وأن يفهم الغرب أن الأمن الأوروبي هو أكثر من مجرد ناتو كبير الحجم.
وأخيرًا، يرى الباحث أنه على الرغم من نشوب الحرب في أوكرانيا فإن المجال مفتوح أمامها لتقديم طلب إلى الأمم المتحدة للانضمام إلى مجموعة الدول المحايدة وإنقاذ الشعب الأوكراني من ويلات الحروب. وإسقاط مسوغات الرئيس الروسي التي اعتبرها كافية لشن حرب في أخطر أزمة كادت تصبح نووية منذ الحرب العالمية الثانية. والعالم بحاجة ماسة إلى دول محايدة في القارات الخمس لضبط إيقاع السلام ورفض قرع طبول الحروب.