في واقعة أعادت للأذهان حادثة منع محاضرات عن عملاق الأدب الروسي دوستويفسكي في إحدى الجامعات الإيطالية، في شهر مارس الماضي بسبب الأزمة الأوكرانية غيّر معرض لندن الوطني الشهير في العاصمة البريطانية عنوان إحدى لوحات الرسام الانطباعي الفرنسي المعروف إدغار ديغا من راقصات روسيات إلى راقصات أوكرانيات حسب إعلان صدر الاثنين عن المعرض اللندني.
وقال المعرض إنه غيّر اسم الرسم لجعله يعكس موضوع العمل بصورة أفضل.
وتظهر هذه اللوحة التي رسمها الفنان الفرنسي (1834 – 1917) 3 راقصات يرقصن في حقل، واضعات على شعورهن أشرطة ملونة من ضمنها، اللونان الأصفر والأزرق وهما لون علم أوكرانيا الحالي وهو ما دفع البعض لتفسير أن الراقصات في حقيقتهن أوكرانيات وهو ما استند عليه المعرض لتبرير قراره بتغيير اسم اللوحة.
في المقابل يرى نقاد فنيون أن القرار ينطوي على تسييس للفن وهو يندرج في إطار التضييق على رموز الثقافة والفن الروسيين في العديد من الدول الغربية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية مشيرين إلى أنه لا يجوز أخلاقيا حتى التصرف باسم اللوحة، الذي اختاره صاحبها الراحل.
وتعليقا على ذلك، يقول الناقد الثقافي والكاتب ماهر الحمداني في حديث قال: مثل هذه الأخبار عندما نسمعها نعتقد لأول وهلة أنها من طينة الأخبار الكاذبة أو الملفقة المنتشرة في السوشيال ميديا حول العالم لكننا نصاب بصدمة عميقة حين نكتشف أنها أخبار حقيقية وأن ثمة فعلا معرضا أو جامعة أو متحفا يقوم بممارسة عداوة رخيصة للشعب والثقافة الروسيين وإقحام الثقافة والفن في الحرب والسياسة.
ويضيف الناقد والكاتب: هذه اللوحة التي تتم إعادة تسميتها مات صاحبها الرسام ديغا بسنوات طويلة قبل حتى إنشاء دولة أوكرانيا ثم يقال لنا إن اللوحة تحمل ألوان العلم الأوكراني في حين أنه في تلك الحقبة الزمنية إبان رسم اللوحة لم يكن هناك هكذا علم أصلا كما وأنها تضم طيفا جميلا من الألوان الأخرى كالأحمر والبرتقالي.
الغريب في هذه الهستيريا ضد الثقافة العالمية وليس الروسية فقط، كما يرى الحمداني: هو أنها تتم على يد مؤسسات رسمية ثقافية غربية والأنكى هو سكوت الرأي العام الأوروبي حيال هكذا ممارسات وقرارات مستهجنة حيث لطالما تباهت المجتمعات الأوروبية بانفتاحها وتعدديتها الثقافية وبتنوعها وتقبلها للآخر لكنها صامتة أمام تزييف التاريخ بهذا الشكل وتشويه الفن والثقافة والحضارة الإنسانية.