في لقاء مع اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخبير الأمني ومكافحة الإرهاب بعد إنسحاب القوات الروسية من شمالى كييف تقدمت القوات الأوكرانية فوجدت الموت والدمار. مذبحة بوتشا بعد إطلاق القوات الروسية النار قبل إنسحابها قتل بدون إعتبار بعد الجثث وجدوا مكتفى الأيدى بعد إطلاق النار على رؤوس الضحايا. كيف يمكن محاكمة بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى أوكرانيا؟ بعد العثور على مقابر جماعية فى مدينة بوتشا الأوكرانية بعد إنسحاب القوات الروسية منها تعالت الأصوات المطالبة
بمحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم. فهل بالإمكان محاكمة بوتين أمام الجنائية الدولية بتهمة إرتكاب جرائم حرب؟ الصور القادمة من بلدة بوتشا الواقعة شمالى غرب العاصمة كييف هزت المجتمع الدولى لما تظهر من عشرات الجثث لمدنيين ملقاة فى الشارع. رئيس بلدية بوتشا كان قد صرح السبت
الماضى بأن القوات الروسية قتلت 300 من السكان خلال إحتلال دام شهراً للبلدة. كما أكد صحفيون من رويترز رؤية ضحايا فى مقبرة جماعية وجثثاً ملقاة فى الشوارع.
و تتهم أوكرانيا روسيا بإرتكاب جرائم حرب فى بلدة بوتشا، كما عبرت المانيا وفرنسا ودول أخرى عن إستيائها من الصور المنشورة عن قتلى مدنيين.
بالمقابل نفت وزارة الدفاع الروسية مزاعم أوكرانيا ووصفت اللقطات والصور التى تظهر جثث القتلى بأنها عرض مسرحى من جانب نظام كييف لوسائل الإعلام الغربية. وقالت الوزارة فى بيان “كل الصور ومقاطع الفيديو التى نشرها النظام فى كييف، ويزعم أنها شاهدة على (جرائم) الجنود الروس فى مدينة بوتشا بمنطقة كييف، هى إستفزاز آخر.
وحتى قبل بوتشا، إتهمت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون القوات الروسية بإستهداف المدنيين بشكل عشوائى وإستشهدوا على ذلك بقصف مستشفى للولادة فى مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية ومسرح كان مكتوبا عليه أنه مخصص لإيواء أطفال. وقال خبراء فى مجال القانون إن محاكمة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أو غيره من القادة الروس بتهمة جرائم حرب ستواجه عقبات كبيرة وقد
تستغرق سنوات للأسباب التالية: جرائم الحرب حسب تعريف المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى هى إنتهاكات جسيمة لإتفاقيات جنيف التى أعقبت الحرب العالمية الثانية والتى تحدد القوانين الإنسانية الدولية الواجب إتباعها فى زمن الحرب. وقال خبراء فى مجال القانون إن الإنتهاكات تشمل إستهداف المدنيين عمداً وحدوث خسائر جسيمة فى صفوف المدنيين عند مهاجمة أهداف عسكرية مشروعة.
وصدق الإتحاد السوفيتى السابق على إتفاقية جنيف فى عام 1954 وفى عام 2019 الغت روسيا إعترافها بأحد البروتوكولات لكنها ظلت مع الدول الموقعة على بقية الإتفاقيات.
وقال المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الشهر الماضى إنه فتح تحقيقا فى جرائم حرب محتملة فى أوكرانيا. وروسيا وأوكرانيا ليستا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية وموسكو لا تعترف بالمحكمة. الا أن أوكرانيا أعطت موافقتها على التحقيق فى الفظائع المزعومة على أراضيها والتى تعود الى وقت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم فى عام 2014. وقد تقرر روسيا عدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وسيتم تأجيل أى محاكمة حتى يتم القبض على المدعى عليه.
ستصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف إذا استطاع المدعون تقديم أسباب معقولة للإعتقاد بإرتكاب جرائم حرب. وقال خبراء إنه من أجل إصدار حكم بالإدانة، يتعين على المدعي العام إثبات التهمة على المتهم بما لا يدع مجالاً للشك.
وبالنسبة لمعظم الإتهامات يتطلب ذلك إثبات أن المتهم عقد العزم وبيت النية. وإحدى الطرق للقيام بذلك هى أن يثبت المدعى العام عدم وجود أهداف عسكرية فى منطقة الهجوم وأن ذلك لم يكن مجرد حادث.
وقال اليكس ويتينج الأستاذ الزائر فى كلية الحقوق بجامعة هارفارد إذا إستمر حدوث ذلك مراراً وتكراراً وبدأ أن الإستراتيجية تستهدف المدنيين فى المناطق الحضرية فقد يكون ذلك دليلاً قوياً على وجود نية للقيام بذلك.
وقال خبراء إن التحقيق فى جرائم الحرب يمكن أن يركز على الجنود والقادة الميدانيين وحتى رؤساء الدول. ويمكن للمدعى العام تقديم دليل على أن بوتين أو زعيماً آخر إرتكب جريمة حرب من خلال إصدار أمر مباشر بشن هجوم غير قانونى أو علم أنه تم إرتكاب جرائم وتقاعس عن منعها. حسب خبراء قانونيون فإن
قصف المسرح ومستشفى الولادة فى ماريوبول يندرج على ما يبدو ضمن تعريف جرائم الحرب. لكن إصدار أمر إدانة قد يكون صعباً. وفضلاً عن التحديات التى يواجهونها فى إثبات النية فى العديد من القضايا وربط القادة مباشرة بهجمات محددة يمكن أن يواجه المدعون صعوبة فى الحصول على أدلة من منطقة حرب، ومنها ما يتعلق بالمقابلات مع الشهود الذين ربما يتعرضون للترهيب أو لا يرغبون فى الحديث.
وفى حالة أوكرانيا سيعكف المدعون العامون بالمحكمة الجنائية الدولية على فحص أدلة الفيديو والصور الفوتوغرافية المتاحة للجمهور. وربما يكون تقديم المتهمين للمحاكمة أمراً صعباً أيضاً. يكاد يكون من المؤكد أن موسكو سترفض الإمتثال لأوامر الإعتقال. وسيتعين على المحكمة الجنائية الدولية تعقب المتهمين المحتملين لمعرفة ما إذا كانوا يسافرون الى دول يمكن إعتقالهم فيها.
ومنذ تشكيل المحكمة الجنائية الدولية، أشرفت على 30 قضية بعضها شمل أكثر من متهم بحسب موقعها على الإنترنت. وأدان قضاة المحكمة الجنائية الدولية خمسة متهمين بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، فى حين برأوا أربعة آخرين. وجرت إدانة توماس لوبانجا دييلو، وهو أحد أمراء الحرب فى الكونغو، فى عام 2012.
وأصدرت المحكمة مذكرات إعتقال بحق عدد من المتهمين الذين ما زالوا طلقاء ومنهم جوزيف كونى زعيم ميليشيا جيش الرب للمقاومة فى أوغندا. وأثار خبراء قانونيون إمكانية إنشاء محكمة منفصلة لفحص جرائم الحرب المحتملة فى أوكرانيا، والتى يمكن أن تتم من خلال الأمم المتحدة أو من خلال معاهدة. على غرار ما حصل مع يوغوسلافيا السابقة بسبب حروب البلقان أو مع رواندا بسبب تهم الإبادة الجماعية.