قرر آلاف المدنيين الأوكرانيين الوقوف الى جانب قوات بلادهم المسلحة فى وجه الإجتياح الروسى. ودعت الحكومة الأوكرانية مواطنيها الى حمل السلاح لأن جيش البلاد وإنْ كان أحد أكبر الجيوش فى أوروبا، لا يقارَن بحجم الجيش الروسى. وتوزّع السلطات الأوكرانية السلاح على مَن يرغبون فى المساعدة فى حماية المدن – كما تعلّمهم صناعة قنابل المولوتوف. المدنيون فى أوكرانيا لبّوا دعوات الإنضمام الى صفوف المقاومة وتعلّم كثيرون من هؤلاء كيفية صناعة قنابل المولوتوف. وتصنّع قنابل المولوتوف فى المنازل من وقودٍ سائل ومواد أخرى قابلة للإشتعال تُخلط جميعها فى زجاجة يوضع فى عنقها شريط مبلل بالمادة القابلة للإشتعال. وتُرمى هذه الزجاجة الحارقة على الهدف فتنفجر على أثر ذلك.
وشاركت وزارة الدفاع الأوكرانية عبر وسائل التواصل الإجتماعى إرشادات عن كيفية إستخدام قنابل المولوتوف فى مهاجمة المركبات العسكرية الروسية. لهذه القنابل ذات الصناعة المنزلية أصل يبعث على الدهشة فهى تعود فى تسميتها الى فاياشسلاف ميخايلوفيتش مولوتوف الذى خدم لفترة طويلة كوزير لخارجية الإتحاد السوفيتى إبان إجتياح فنلندا عام 1939 وإقترن إسمه بالصراع.
وولد مولوتوف عام 1890 لأسرة روسية تنتمى الى الطبقة المتوسطة. وفى عام 1906 إنتظم مولوتوف فى صفوف جماعة البلاشفة بحزب العمال الاشتراكى الديمقراطى الروسى. وبعد الثورة التى أطاحت بالقيصر عام 1917 سيطر البلاشفة على الحكم قبل أن يصبحوا الحزب الشيوعى فى الإتحاد السوفيتى. وعرف مولوتوف طريقه الى الصعود بين صفوف الحزب ليصبح وزيراً للخارجية مرّتين، أولاهما كانت بين عامى 1939 و1949، والثانية كانت بين عامى 1953 و1956.
وعُرف إسم مولوتوف أيضاً من معاهدة مولوتوف-ربنتروب المبرمة بين الإتحاد السوفيتى والمانيا إبان الحكم النازى عام 1939، ونصّت المعاهدة على عدم إعتداء أىّ من طرفيها على الآخر، كما تضمّنت بنداً سرياً لم يُكشف عنه الا بعد هزيمة النازيين عام 1945.
وبموجب هذا البند، إتفق السوفيت والنازيون على إقتسام بولندا، وتحديد مناطق للنفوذ فى أوروبا الشرقية ومنطقة البلطيق، وفنلندا.
وفى سبتمبر/أيلول من عام 1939 إجتاحت المانيا النازية بولندا بخطى مطمئنة على أساس أن ذلك التحرك لن يثير حفيظة السوفيت. لكن بريطانيا وفرنسا ردّتا بإعلان الحرب على النازيين لتبدأ بذلك الحرب العالمية الثانية. ولم تكد تمضى أيام معدودة حتى إجتاح الروس أيضاً بولندا. وفى نوفمبر/تشرين الثانى إجتاح الروس فنلندا لتبدأ بذلك حرب عُرفت بإسم حرب الشتاء. وبسبب تلك الحرب ذاعت شهرة قنابل المولوتوف.
فى ذلك الوقت صرّح فاياشسلاف مولوتوف للإذاعة السوفيتية بأن جيش بلاده لا يُسقط قنابل على الفنلنديين، وإنما طعام لشعب يتضور جوعاً. وبروح من السخرية سمّى الفنلنديون القنابل العنقودية التى كان يقذفها بهم الروس سِلال خبز المولوتوف.
وبنفس الروح الساخرة، جعل الفنلنديون يصنّعون زجاجات المولوتوف الحارقة مطلقين عليها إسم كوكتيل كما لو كانت ذلك الشراب اللآزم لكى يتمكنوا من إبتلاع الخبز الذى تقذفهم به قوات مولوتوف الروسية. وإستخدم الفنلنديون تلك الزجاجات الحارقة فى الهجوم على مركبات السوفيت المصفحة. ومنذ حرب الشتاء تلك أصبح إسم هذه الزجاجات الحارقة هو “قنابل المولوتوف. على أن ذلك الصراع لم يكن الأول الذى يستخدم فيه هذا السلاح، وإنما إستخدمت تلك الزجاجات الحارقة فى الحرب الأهلية الإسبانية بين عامى 1936 و1939.
وهاهى قنابل المولوتوف تعود الى نشرات الأخبار حيث يستعين الناس فى أوكرانيا بأية وسيلة كانت للتصدى للقوات الروسية.