لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
عرضت في مقالي، في الأسبوع الماضي، في نفس المكان، واحداً من الدروس المستفادة من الحرب الروسية الأوكرانية، المتمثلة في قرار ألمانيا بتخصيص 100 مليار يورو، لإعادة تكوين جيشها، وبناء قوة عسكرية وطنية، بديلاً عن الاعتماد على قوات حلف الناتو. وفي الأسبوع الماضي، ظهر تحول جديد، ناتج عن الحرب الروسية الأوكرانية، بتوجه وفد من وزارة الخارجية الأمريكية، إلى فنزويلا، في محاولة لإذابة الجليد، بعد سنوات من العداء، بين أبرز حلفاء بوتين، في أمريكا الجنوبية، وأحد أهم مصادر النفط، الذي قد تخفف عودته لأسواق الطاقة العالمية، من تداعيات حظر نفط محتمل من روسيا، مستقبلاً.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فرضت عقوبات اقتصادية على فنزويلا، في عهد الرئيس الأمريكي ترامب، بسبب ما أعلنته، حينها، عن عدم شرعية وصول الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى السلطة، فضلاً عن اتهامه بالتورط في تهريب المخدرات. يذكر أنه في ظل الحظر الأمريكي على فنزويلا، بلغت مبيعات النفط الخام من شركة BDFSA الحكومية الفنزويلية، إلى روسيا، في العام الماضي، نحو 2,5 مليار دولار، خاصة وأن فنزويلا تمتلك أكبر احتياطي نفط، في العالم، إلا أن العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، اضطرتها، لتخفيض إنتاجها إلى أدنى مستوياته خلال العقود السابقة.
أما اليوم، وأمام ضغوط أعضاء الكونجرس الأمريكي؛ ديمقراطيون وجمهوريون، بضرورة إصدار حظر أمريكي للنفط والغاز الطبيعي الروسي، كأحد أدوات الضغط على بوتين، جاء القرار الأمريكي بتخفيف القيود على فنزويلا، والسماح لها بزيادة إنتاج النفط، وتصديره لأوروبا، مع حظر تصديره لروسيا، في ظل كونها أكبر مصدري النفط إلى روسيا. استهدفت البعثة الدبلوماسية الأمريكية، إلى العاصمة الفنزويلية، كاراكاس، إقناع الرئيس مادورو بالتخلي عن دعمه إلى روسيا، مقابل السماح لبلاده بزيادة إنتاج النفط، بما يمكن الولايات المتحدة من فرض عقوبات لحظر النفط والغاز الروسي، دون التأثير سلباً على الأسواق الأوروبية المعتمدة عليه.
انتهت المباحثات الأمريكية-الفنزويلية، دونما إصدار تصريحات عن أي من الجانبين، ولكنها تؤكد على أن السياسة، الآن، لا تعرف عدو الأمس، الذي أصبح صديق اليوم، وأن الولايات المتحدة مستعدة لغض البصر عن التهم التي وجهتها، سابقاً، لرئيس فنزويلا، وعن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على بلاده، لعدة سنوات، وعن انعكاساتها السلبية على المواطن الفنزويلي، مادامت مصالحها تقتضي ذلك. وهكذا هي السياسة … المصالح أولاً.