عندما يرتفع صوت المدافع، يخبو صوت العقل ويضعف تأثير الدبلوماسية وينتظر كل طرف من أطراف الصراع نتيجة المعركة، وعلى الرغم من أن الوضع في أوكرانيا يتغير بين لحظة وأخرى وقد يستمر كذلك فترة طويلة من الوقت
المسار الأول: المعجزة
يبدو هذا السيناريو أشبه بالمعجزة نظراً لأنه يبدو متفائلاً إلى درجة كبيرة وصعب المنال، ولكنه في النهاية قابل للتنفيذ على الأرض ولو بصعوبة، فهو يتصور أن المقاومة العسكرية والمدنية الأوكرانية قد تتغلب على الصعاب،
وتوقف تقدم القوات الروسية بدعم من المساعدة الدفاعية التي تقدمها الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وبفضل تصميم ومهارة المقاومة الأوكرانية،
ما يفرض جموداً في ساحة المعركة لصالح المدافعين، وهو ما يعني أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يتمكن في هذه الحال، من الإطاحة بحكومة كييف وإقامة حكومة موالية له.
مع وصول المشهد السياسي الروسي إلى نقطة تحول، وسواء كانت البلاد تميل نحو مزيد من التشدد والاستبداد في عهد بوتين، أو تبتعد عنه تماماً، فإن الوضع الناشئ عن هذا التحول، سيحدد إلى حد كبير كيف ستتعامل روسيا مع الغرب وبقية دول العالم.
المسار الثاني: المستنقع
تتحول أوكرانيا في هذا السيناريو إلى مستنقع مرير للقوات الروسية، فهو يتصور أنه بعد أسابيع من القتال العنيف في العاصمة الأوكرانية كييف والمدن الكبرى الأخرى، سوف تتمكن روسيا من الإطاحة بحكومة الرئيس فلوديمير زيلينسكي، وتُنَصب حكومة جديدة موالية لها،
لكن القوات المسلحة الأوكرانية والمواطنين المدنيين المتطوعين للقتال يرفضون الاستسلام، ويقررون بدلاً من ذلك، شنّ تمرد واسع النطاق، مسلح بشكل جيد ومنسق بدرجة كبيرة ضد القوات الروسية الغازية، وعلى الرغم من تضاؤل قدرات القوات النظامية الأوكرانية بمرور الوقت، واحتلال المدن الكبرى مثل كييف، إلا أن انتصار روسيا سيكون باهظ الثمن.
المسار الثالث: ستار حديدي جديد
في هذا السيناريو تنهار أوكرانيا في النهاية تحت وطأة الغزو الروسي، فعلى الرغم من شدة المقاومة، تتمكن القوات الروسية من السيطرة على البلاد عبر استخدام الأسلحة الثقيلة ومزيج من التكتيكات المختلفة التي سوف تستطيع بقوة وحشية إخماد المقاومة ضد الحكومة الموالية لموسكو التي نصبها بوتين والتي تفشل في إثبات قوتها بدرجة تكفي لتحدي القوات الروسية الكبيرة المنتشرة في أوكرانيا.
وعلى الرغم من معاناة روسيا من تكاليف اقتصادية باهظة، فإن بوتين سيتمكن من تعزيز قبضته على السلطة في موسكو، ويسحق المعارضة المحلية بقوة أكبر، بينما يصبح حلف “الناتو” أكثر اتحاداً في مواجهة التشدد الروسي، لكن الحلف سيكون مجبراً على قبول خياراته المحدودة للغاية والتي لا تمكنه من تغيير اتجاه خسارة أوكرانيا،
المسار الرابع: حرب بين “الناتو” وروسيا
لكن السيناريو الأكثر خطورة لمستقبل أوروبا والنظام العالمي هو الذي يمهد فيه الصراع الروسي- الأوكراني المسرح لنزاع عسكري مباشر بين حلف “الناتو” وروسيا، حيث يمكن أن يسلك طرقاً عدة لتحقيق هذه النتيجة، أولها أن يقرر حلف “الناتو” في وقت ما من الصراع، تصعيد مشاركته في أوكرانيا،
وقد يكون ذلك عبر محاولة تنفيذ منطقة حظر طيران أو أي شكل آخر من أشكال التدخل المباشر، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وحلفاء آخرين في “الناتو” رفضوا في الوقت الحالي، تطبيق منطقة حظر طيران، إلا أن هذه الحسابات يمكن أن تتغير إذا استمرت روسيا في تصعيد قصفها للمدنيين
وفي سيناريو آخر للمواجهة المحتملة، يمكن لروسيا أن تضرب عن غير قصد أراضي دولة عضو في “الناتو” على سبيل المثال، من خلال استهداف غير دقيق أو تحديد خاطئ للصديق والعدو، ما يؤدي إلى اتخاذ إجراءات مضادة من قبل “الناتو”،
بخاصة أن روسيا هاجمت بالفعل أهدافاً قريبة من الحدود البولندية خلال الأسبوع الماضي، وهناك إمكانية لتزايد هذا الخطر خلال الأسابيع المقبلة مع بدء تضاؤل مخزون الجيش الروسي من الذخائر الموجهة بدقة، واعتماده على الذخائر التقليدية التي تخطئ أهدافها في بعض الحالات، ما يهدد باندلاع صراع مباشر في المناطق الحدودية لأوكرانيا، بل يمكن أن يؤدي هذا إلى بدء دورة من الضربات والضربا