فى لقاء مع الشاعر صلاح سليمان الرشندى يقول حدوتتنا اليوم عن نهر نيل محافظة البحر الأحمر. لم يعرف أهل الصحراء الشرقية وسكان محافظة البحر الأحمر المحليين الكثير عن نهر النيل …لكن عرفوا عبر حضارتهم مجاري مائية تمثل لهم في أهميتها نفس أهمية نهر النيل لأهل الوادي وعرفنا في التاريخ وعلى مدار ملايين السنين فروع أخري للنهر كانت تغزية وهى عبارة عن روافد جافة تتقاطع معة قادمة من وديان الصحراء الشرقية التى تتجمع المياه من قمم جبالها فتسيل ثم تصب فى مجرى النهر الأم وغالبيتها تنبع من جنوب سلاسل جبال البحر الأحمرمثل (وادى عباد – وادي شيت – وادي خريط).
وفي أقصي جنوب مصر في الصحراء الشرقية بمحافظة البحر الأحمر وتحديدا جنوب غرب مدينة شلاتين دائما ما يجري نهر وادي الذئيب الذى يمثل نهرا موازيا لنهر النيل بشكله وطبيعته إلا انة بالمقارنة فإنة صغير…. وهو وادي عميق وطويل وهذا يؤكد أنة قديما كان ممتلىء بالماء أكثر شهور السنة وتغير بة الحال بتغيير المناخ. تجري المياه عبر هذا الوادى لمسافة تزيد عن “250 كم من الجنوب من عمق جبال شمال السودان مخترقا الحدود وصولا إلي الصحراء الشرقية ثم جريانا إلى الشرق وصولا لساحل البحر الاحمر حيث المصب مكونا دلتا كبيرة تعرف بدلتا الادلديب وسميت بهذا الإسم نسبة إلى الكثبان الرملية التي ينمو عليها نبات الادلديب ويعد هذا الوادى أطول الأودية الجبلية التى تخترق الصحراء الشرقية وأخصبها وتُعد تربته مختلفة التكوين عن باقى المنطقة حيث أنها خليط ما بين التربة الطينية والرملية كما يعد من أكبر أنهار مصر الجافة لما يحتوى على كميات كبيرة من المياه في باطنه وعلي جانبي ضفة الوادي توجد غابات كثيفة تزينها أشجار السنط والسيال أو الأكاشيا مكونة مراعي طبيعية يتغذي عليها الإبل والحيوانات البرية مثل الغزال المصري والكبش الأرواي والتيتل … وغيرها، كما تزورة ملايين الطيور والصقور مرتين في العام ذهابا وإيابا خلال هجرتها الموسمية وساعد هذا التنوع البيئى في إعلان (محمية جبل علبة) محمية طبيعية حيث يمر الوادى داخل حدودها المعلنة. وقد كتب عن هذا النهر الصديق الأستاذ أسامة غزالى الباحث فى التراث المصرى بعد أن قام برحلة بدأها من النقطة صفر لهذا الوادى على ساحل البحر الأحمر حيث قال: فى اول الوادي يوجد بئر قومدلم يتواجد حولة سكان من قبائل البشارية يسكنون في مجموعات متفرقة من المنازل البسيطة التي شيدها أصحابها من عروق وفروع الشجر يهجروها في الشتاء سعيا وراء المراعى ويعودون إليها في الصيف ليكونوا قريبين من مصادر المياة في الوادى حيث الآبار وأشهرها بئر (الذئيب) الذى سمى على إسم الوادى.
وقد أقام السكان المحليين سدا كبيرا من الأتربة لحجز مياه السيول الجارية عبرالوادي لإستخدامها فى زراعة مساحات كبيرة بالحبوب والبطيخ …. وغيرها يقول غزالى: في اليوم الأول عندما تعمقنا كثيرا في الوادي واجهنا صعوبة للسير بالسيارة مع الاعماق الكبيرة لمجري النهر قبل أن يصبح جزء منه مسطح يساعد علي استكمال المسيرة وبعد مسير 3 ساعات وجدنا علي جانب الوادي منجم ذهب قديم مازال اثرا، حولة رحايات متناثرة كانت تستخدم في طحن الرمال لإستخراج الذهب كما شاهدنا الكثير من الأنفاق والمغارات أحدثها الباحثون عن الذهب. أما عند بداية الوادي من الجهة الجنوبية داخل الحدود السودانية توجد مدينة ايوا المهجورة حيث لا بشر ولا حياة بالقرب منها سوي قلاعها الحجرية الضخمة تحمست كثيرا لاستكمال الرحلة صباحا لاكتشاف تلك المدينة…. ،وقمنا بالتخييم في تلك الليلة وفجرا كنا قد بدأنا التحرك أملا في الوصول لايوا … وأثناء سيرنا رصدنا عدد كبير من الغزال البري وكلما تعمقنا جنوبا وجدنا المزيد منها حيث هدوء المنطقة وبعدها عن إزعاج البشر وما يقوم بة من أنشطة مثل التعدين والرعى ناهيك عن مطاردات الصيادين. بعد أن طلعت الشمس وارتفعت قليلا قابلنا بعض الرعاة وجلسنا معهم وتناولنا القهوة وتحدثواعن مرور النمر عبر الجبال القريبة المتاخمة لمراعيهم وهجومة على الرعاة وقتلة لبعض اغنامهم … يقول غزالى: وقتها لم اهتم بقصة النمر بقدر الوصول لبداية النهر ومدينة ايوا … لكن احبطني الرعاة عندما ابلغوني أنها مخيفة وبعيدة … والوصول لها صعب حتي بالسيارة ويحتاج عبور الحدود مع السودان وقد نتعرض للمخاطر.
قمنا بالتخييم ليلة اليوم الثاني إلى جوار قافلة الدبوكة تصادف وجودها كانت قادمة من الجنوب وجلسنا نتسامر وتحيط بنا جمالهم وبعرانهم الكثيرة وهدير رغاءها يملأ المكان وكان جل حديثنا عن ماوراء هذا النهر … وبدأ أحدهم حديثه برسم صورعن مدينة ايوا … مدينة كبيرة … أسوارها عالية ولها قلاع مختلفة الأشكال … بنيت من الأحجار … ويقال أنة تسكنها جيوش من الجن يحرسونها!!! ولا يمكن لأحد أن يقيم بجوارها ولكن قديما كانت اماكن إقامة للعمال الباحثين عن الذهب وكذلك اماكن الجنود لحراسة الطريق فهي تقع على مشارف معبر مهم من مصر الي قلب افريقيا إنتهي وصف الرجل عن المدينة لكن لم ينتهى امل الوصول إليها الذى تبدد علي الاقل مؤقتا لحين معاودة الاكتشاف مرة أخرى بإذن اللة تعالى.