متابعة عادل شلبى ربما لا يعلم الكثيرون عن هذا المخيم شيئاً، رغم كونه بمثابة قنبلة موقوتة، في قلب الشرق الأوسط، يخشى الجميع الاقتراب منه أو الإسهام في حل مشكلته! يقع المخيم في محافظة الحسكة، شمال سوريا، بالقرب من حدودها مع العراق، وكان في الأصل معسكراً لإيواء اللاجئين العراقيين في عام 1991، أثناء حرب الخليج. ثم أُيد فتحه عام 2003، عقب غزو الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، ليجمع، اليوم، مشردي الأراضي التي احتلتها داعش.
يسيطر على المخيم 400 عنصر من قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة، وبلغ عدد اللاجئين إليه، في إبريل 2019، 74 ألف لاجئ، بينهم عشرون ألف امرأة، و50 ألف طفل، من عائلات مقاتلي داعش، فأُطلق عليه ملاذ الفارين من تنظيم داعش. معظم السيدات هن أرامل، من جنسيات أجنبية، فقدن أزواجهن الداعشيون، في القتال، فجئن بأبنائهن لذلك المعسكر، وبدأت المشكلة برفض معظم الدول الأجنبية، خاصة أمريكا وأوروبا عودة هؤلاء الأرامل إلى دولهن الأصلية، خاصة بعدما أعلن الرئيس الأمريكي السابق، ترامب، أن المرأة الأمريكية التي التحقت بتنظيم داعش، لن يسمح لها بالعودة إلى الولايات المتحدة. وكانت العراق أول من سمح بعودة 200 عائلة من النساء والأطفال إلى العراق.
يعتبر المخيم، حالياً، حياً للدواعش، بما يشمله من الدواعش، الأجانب، من مختلف الجنسيات، والذين يُقدر عدد أطفالهم بنحو 10 آلاف طفل، ليصبح الحاضنة المثالية، ونواة إعادة تشكيل تنظيم داعش، خاصة وأن هؤلاء الأطفال منقطعين عن الدراسة، ويخضعون لتعاليم داعش المسيطرة على المخيم. كما يجهل هؤلاء الأطفال هوية آباؤهم، ولازالت بعض أمهاتهم، الأرامل، يعتنقن الفكر الداعشي، وهو ما سيؤدي إلى النتيجة الطبيعية، والمنطقية، بأن سيصبح الأبناء نتاجاً جديداً للفكر الداعشي، وقوام التنظيم القادم.
أما الأغلبية العظمى من نساء المخيم، المقُدرة بنحو 70%، ممن تبن عن الفكر الداعشي، بعد مقتل أزواجهن، فتكمن مشكلتهن في رفض دولهن عودتهن إليها، اللهم إلا القليل، مثل ألمانيا والدنمارك، اللتان سمحتا بعودة 11 امرأة و37 طفلاً، أو فرنسا التي أعلنت استعدادها لاستقبال الأطفال، فقط، دون الأمهات، مما أثار جدلاً واسعاً في المجتمع الدولي، عن حقها في حرمان الأطفال من أمهاتهم.
وهكذا يظل هذا المعسكر كقنبلة موقوتة، شديدة الانفجار، وواسعة المدى، يتعين على الجميع البحث له عن حل، وعدم غض البصر عنه، لحين تفاقم وضعه أكثر مما هو عليه … وهو الدور الذي أظنه يتعين على الأمم المتحدة أن تقوده.