يعيد إندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا ، إذ كانت الأجواء مشحونة بشكل مستمر بين الاتحاد السوفيتي السابق ودول حلف شمال الأطلسي، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
هذا وقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، يوم الخميس أنّ بلاده لم يكن أمامها أي سبيل آخر للدفاع عن نفسها سوى شنّ هجوم عسكري على جارتها أوكرانيا في وقت يواصل الجيش الروسي منذ فجر الخميس اجتياح الجارة الشرقية.
وخلال اجتماع عقده في الكرملين مع رجال أعمال وبثه التلفزيون قال بوتن إنّ ما يجري حالياً هو إجراء قسري لأنّهم لم يتركوا لنا أيّ سبيل آخر للتحرك بشكل مختلف.
من جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن روسيا تتحمل وحدها مسؤولية القتل والدمار اللذين سيحدثهما هجومها على أوكرانيا.
وعن تأثير الهجوم الروسي على الاقتصاد العالمي أكد بوتن أن بلاده لا تريد الحاق الضرر بالنظام الاقتصادي العالمي ولا استبعادها منه في وقت تسبب غزوه لأوكرانيا باضطرابات كبيرة في الأسواق ويعرض موسكو لعقوبات مدمرة.
وقال لا تزال روسيا جزءا من الاقتصاد العالمي لا نعتزم الحاق الضرر به. اعتقد ان على شركائنا ان يدركوا (هذا الامر) والا يكون هدفهم دفعنا الى خارج النظام.
وخلال هذه الفترة اصطفت الدول العربية في هذا المحور أو ذاك، وشكلت إحدى الساحات الرئيسية للنزاع بين المعسكرين. فأين تقف هذه الدول خلال الأزمة الراهنة؟
روسيا وأوكرانيا من أهم مصدري القمح لعدد كبير من الدول العربية
وبجانب كل ما تقدم، فإن روسيا وأوكرانيا من أهم مصدري القمح لعدد كبير من الدول العربية. وتمر معظم هذه الصادرات عبر البحر الأسود الذي يقع في محور الأزمة الحالية.
وحسب مقال نشره الخبير الزراعي في معهد بريكثرو الأمريكي أليكس سميث في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، فإن التهديدات لصادرات القمح الأوكرانية تشكل “أكبر خطر على الأمن الغذائي العالم”.
إذ اشترت مصر نحو نصف وارداتها من القمح في 2021 من روسيا وحوالي 30 في المئة من أوكرانيا. ومصر من أكبر مستوردي القمح في العالم،
ويمكن أن تتسبب الأزمة في تراجع وارداتها من هذه المادة الأساسية التي يعتمد عليها نحو ثلثي سكان البلاد.
كذلك فإن روسيا هي المزود الرئيس للجزائر بالقمح وتليها أوكرانيا، بينما أدى توتر العلاقات مع باريس لتراجع صادرات القمح الفرنسية إلى هذا البلد. ويعتمد لبنان على أوكرانيا في تغطية نحو 50 بالمئة من احتياجاته من القمح.
كذلك تزود كييف ليبيا بـ43 بالمئة من وارداتها من هذه المادة، واليمن بـ22 في المئة، والمغرب بـ26 بالمئة
وأدت العوامل المناخية والسياسية إلى تراجع الإنتاج الزراعي في الدول العربية، وبشكل خاص القمح. وتشير تقارير رسمية إلى أن مصر والمغرب تملكان احتياطيا من القمح يكفي من أربعة إلى خمسة أشهر. بينما أدت الأزمة السياسية في تونس إلى نقص كبير في الحبوب.
كل هذا يجعل إيجاد بدائل لاستيراد هذه المادة أمرا ضروريا. وهنا تأتي الدول الغربية، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةوكنداوفرنسا على رأس الدول التي يمكن أن تغطي هذا النقص، ولكن هذا يمكن أن يكون أيضا عرضة لضغوط تفرضها المتغيرات السياسية.
وفي الختام، إذا كان نظام الرئيس السوري بشار الأسد قد حسم أمره منذ البداية وبوضوح في اتخاذ موقف داعم لموسكو خلال الأزمة الراهنة،
فإن الوضع بالنسبة لباقي الدول العربية أكثر تعقيدا وضبابية، ومحكوم بعوامل عدة، ويبقى مرهونا بسير الأحداث وتطورها الذي ستكشف عنه المرحلة القادمة