اتصلت بى المستشارة ضحى راضى تليفونيًا وقالت لى: ابنى عبدالرحمن 11 سنة قرأ كل كتبك عن مصر ويريد أن يراك، واتفقنا على موعد، كما اتصلت بى أ. د. رانيا حسانين، رئيس قسم الأورام بقصر العينى، وصاحبة جمعية هوسبيس نيوز، ودورها هو: رعاية وكرامة للمريض فى أيامه الأخيرة، وقالت لى إنهم يلبون طلبات المرضى فى شهورهم الأخيرة مهما كانت، ولديها مريضة كانت تعمل مرشدة سياحية، ورغبتها الأخيرة أن تسمعك وتتحدث إليك ولو نصف ساعة، قلت للدكتورة رانيا: أى مكان أحضر لكم فيه، وقد تم اللقاء، وكم سعدت بهذا اللقاء!. أخذت أتأمل وأسأل نفسى: أنا طبيب وأستاذ لجراحات الكلى والمسالك البولية ولست متخصصًا «أكاديميًا» فى علم المصريات، ولكنى أتكلم عن هذه الحضارة بحب وشغف وإعجاب، فيصل إلى قلوب الناس حتى الأطفال والمرضى. إن شعبنا الجميل لا يحس بعظمة بلاده لأن بعض المسؤولين عن حضارتها وتاريخها لا يحسون بالغيرة عليها والحب لها، دراستهم للكسب أو الشهرة أو الاتجار بالآثار. دكتور ميسرة عبدالله حسين، الأستاذ فى: the egypt exploration society، عاشق لمصر والحضارة واللغة المصرية القديمة، يُدرّس الهيروغليفية ويقول: أغنى لغة فى العالم كله هى المصرية القديمة، كلماتها أربعة ملايين ونصف المليون كلمة، ورسومها التوضيحية 8700 رسم، إنها لغة حية، إياكم والترجمة اليونانية فهى لغة جوفاء!. كانت صدمة لى فى كتاب عبدالحليم نور الدين، وهو يصف مفتاح الحياة بأنه «رباط نعال» أى رباط جزمة! صفحة 52 كتاب اللغة المصرية القديمة! مفتاح الحياة الذى هو رمز الخلود، وفى أيدى الملوك يصبح فى رأى «متخصص» رباط جزمة!! إن الذى يقول إن أجدادنا كانوا فراعنة ظلمة لا يحب مصر ولم يقرأ أمير الشعراء: أين كان القضاء والعدل والحكمة والرأى والنهى والذكاء؟! إذا كان غير ما أتوه فخار فأنا منك يا فخار براء! والذى يقول إنهم كانوا عبدة أوثان لا يحب مصر ولم يقرأ متون الأهرام: واع واعون أى واحد أحد، نن سنو أى ليس له ثان. إن الذى يريد أن يدفن تاريخ مصر بدفن ملوكها ومليكاتها لا يحب مصر. إن الذى يسمح لبعثات أجنبية بالتنقيب دون وجود مصريين إنما هو مرتش وخائن، إن الذى يصمت على إهانة تاريخ بلده دون حتى كلمة تصويب أو احتجاج إنما هو إنسان جبان، إن الذى يسرق آثار بلده أو يحفر بطريقة غير قانونية إنما هو لص أثيم. قالها السيد الرئيس: مصر لم تجد من يحنو عليها، مصر فى حاجة إلى من يحبها قبل أن يتشدق بأنه من المتخصصين، ولحسن الحظ هم قلة، وعمار يا مصر.