لواء د. سمير فرج متابعة عادل شلبى مع بداية كل عام ميلادي تصدر منظمة جلوبال فاير باور “Global Fire Power” تقريرها السنوي الذي ينتظره الجميع سواء الدول والحكومات ومراكز الدراسات الاستراتيجية والذي من خلاله يتم عمل التقديرات الاستراتيجية للدول على كافة الاتجاهات الإقليمية والدولية.. وفي هذا الشهر ظهر التقرير الجديد لعام 2022 لترتيب القوي العسكرية في العالم ليشمل تقييم القوة العسكرية لعدد 140 دولة جاءت على القمة الولايات المتحدة الأمريكية لتكون أقوي جيش في العالم وتجئ دولة بوتونيا هي الدولة رقم 140. ويحدد هذا التقرير ترتيب الجيوش للأسلحة التقليدية أما الأسلحة النووية للدول التسع فإنه لها حسابات أخري وهذا العام جاء جيش الولايات المتحدة الأمريكية علي قمة الترتيب العالمي تليه في المركز الثاني روسيا ثم الصين ثم الهند في المركز الرابع ثم اليابان ثم كوريا الجنوبية ثم فرنسا في المركز السابع ثم بريطانيا ثم باكستان في المركز التاسع ثم البرازيل في المركز العاشر ثم إيطاليا في المركز الحادي عشر وتليها مصر في المركز الثاني عشر عالمياً لتتقدم مركزاً من المركز الثالث عشر العام الماضي. ويصبح الجيش المصري أقوي جيش علي مستوي أفريقيا والدول العربية وعلي مستوي الشرق الأوسط حيث يأتي بعده الجيش التركي في المركز الثالث عشر عالمياً ثم ايران في المركز الرابع عشر ثم اندونيسيا ثم المانيا في المركز السادس عشر استراليا في المركز السابع عشر ثم إسرائيل في المركز الثامن عشر ثم اسبانيا في المركز التاسع عشر والسعودية في المركز العشرون. وتعتمد منظمة جلوبال فاير باور “Global Fire Power” علي تقييم هذه القوي العسكرية في العالم علي خمسون مؤشراً يأتي في مقدمتها اعداد الأسلحة والمعدات في كل دولة من كافة الأنواع من الدبابات والمدفعية والصواريخ والعربات المدرعة والمدمرات والغواصات والطائرات بأنواعها والرادارات.. إلخ، ويوضح اعداد هذه الأسلحة والمعدات طبقاً لكفاءتها القتالية وتحديثها طبقاً للإنتاج العالمي، ويأتي مؤشر آخر في حسابات المؤسسة وهو القوة البشرية لجيش الدولة علي أساس عدد القوات العاملة والمقاتلة ثم قوات الاحتياط ويدخل في هذا التقرير نظام التعبئة لقوات الاحتياط، ويأتي بعد ذلك مؤشر عنصر الانفاق العسكري لكل دولة ونسبة الانفاق العسكري لميزانية الدولة ككل، ومؤشر آخر وهو حساب القوات شبه العسكرية في الدولة ومثال لذلك قوات الحرس الوطني في الولايات المتحدة الأمريكية وقوات الأمن المركزي في مصر ومهمتها تأمين الأهداف الحيوية في الدولة وقت الحرب حتي تتفرغ القوات المقاتلة لمهام القتال. نأتي لمؤشر حساب القواعد العسكرية للدولة حيث تنقسم الي قواعد عسكرية داخل الدولة ومدي توزيعها لتأمين الاتجاهات الاستراتيجية ثم القواعد العسكرية للدولة خارج البلاد ومدي أهميتها لتحقيق الأمن القومي للدولة ولعل نجاح مصر خلال الأعوام السابقة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد البلاد بإنشاء أحدث ثلاث قواعد عسكرية في مصر، قاعدة برنيس العسكرية علي البحر الأحمر لتأمين البحر الأحمر والمجري الملاحي لقناة السويس ثم قاعدة 3 يوليو العسكرية في الاتجاه الاستراتيجي الشمالي لتأمين حقول الغاز الطبيعي والبترول في البحر المتوسط ثم قاعدة محمد نجيب العسكرية أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة لتأمين الاتجاه الاستراتيجي الغربي في اتجاه ليبيا. يجئ بعد ذلك حساب قدرة التدريب لجيش الدولة والمستوي الذي تصل اليه الوحدات المقاتلة وتنفيذ المناورات بالذخيرة الحية ويعتبر التدريب المشترك مع الدول الأخرى أحد المؤشرات القوية الدالة علي مستوي التدريب المرتفع لكل جيش ومما يزيد فخر لقواتنا المسلحة المصرية أن مصر هي أكبر دولة تنفذ تدريبات مشتركة مع الدول الأخرى ويأتي عنصر الخبرة القتالية للجيش من حيث اشتراكه في معارك عسكرية سابقة واعتقد أن مصر وإسرائيل هما أكبر جيشين لهما الخبرة القتالية في حروب حديثة في حرب 73. ثم يأتي بعد ذلك مؤشر التصنيع الحربي حيث أن الدولة التي تعتمد علي صناعاتها العسكرية قادرة علي أن تكون قوية عكس الدولة التي تعتمد علي شراء الأسلحة من الخارج وتصبح تحت رحمة هذه الدول عندما تشتد الأزمات ويضاف لذلك نجاح مصر، منذ تولي الرئيس السيسي، في تطوير مصانعها الحربية، حيث تم تطوير كل المصانع الحربية بالتعاون مع دولة بيلاروسيا حيث أن لمصر مصانع وزارة الإنتاج الحربي ومصانع الهيئة العربية للتصنيع والهيئة القومية لصناعة البصريات ومثال علي ذلك التطوير إنتاج ترسانة الإسكندرية البحرية التي تصنع العديد من لنشات الصواريخ والفرقاطات الإيطالية علي أحدث تقنية عالمية ويلي الصناعات الحربية للدولة قدرة الدولة علي إقامة المعارض العسكرية التي تظهر إنتاجها الحربي وهو ما انعكس، في قدرتها على تنظيم دورتين من معرض الدفاع “أيديكس” ولعل عرض مصر في معرض هذا العام تصنيع أول طائرة مصرية بدون طيار وإنتاج كافة الذخائر لمستوي الوحدات المقاتلة أبلغ دليل علي ذلك علاوة علي تفوق مصر في إنتاج العربات المدرعة وتصنع الدبابة الامريكية M1A1. ويجئ بعد ذلك مؤشر نظام التجنيد في الدولة وهل تعتمد الدولة علي أبناء البلد في تجنيدهم أم علي الأفراد المجنسين من دول أخري وهم بالطبع لن يكون لهم ولاء لهذا الجيش كذلك يبرز المستوي العلمي للمجندين في الدولة ولقد كان قرار مصر بعد نكسة 67 بتجنيد المؤهلات العليا في الوحدات المقاتلة له أثر كبير في ارتفاع مستوي القوات المسلحة المصرية خاصة مع التقدم العلمي والتكنولوجي في الأسلحة والمعدات العسكرية الحديثة.. ويأتي مؤشر مستوي القادة في القوات المسلحة علي كافة المستويات من حيث التأهيل العلمي والخبرة العملية في الدراسات الأجنبية كأحد مؤشرات تقدير القوة العسكرية للدولة. وأخيراً يبرز عنصر هام وهو الروح المعنوية لجنود جيش هذه الدولة ولقد ظهر هذا المؤشر بعد انتصار الجيش المصري في حرب 73 حيث أن معظم الدراسات أكدت أن الروح المعنوية للمجند المصري في هذه الحرب كانت أحد عوامل تحقيق النصر وهكذا يحتفل شعب مصر هذه الأيام مع بداية العام الجديد بهذا المستوي المتميز للجيش المصري متفوقاً علي الجيوش العربية والأفريقية وفي منطقة الشرق الأوسط كلها وهنا يطمئن الشعب المصري رغم أن عقيدة مصر واستراتيجيتها، كانت، وستظل، السياسة الدفاعية، إلا أن قواتها المسلحة النظامية، القوية، تضمن ردع كل من تسول له نفسه مجرد تهديد أمنها القومي، أو تهديد ثروات شعبها ومقدراته ويفتح مجال مصر أنها دولة مستقرة لكي تستقبل المزيد من الاستثمارات من أجل تطوير هذا البلد وتحقيق رفاهية هذا الشعب العظيم.