في أول زيارة، منذ 16 عاماً، لرئيس كوري جنوبي لمصر، تحققت أهدافاً تنموية واقتصادية كبيرة لكلا البلدين. جاءت تلك الزيارة ضمن جولة قام بها رئيس كوريا الجنوبية إلى منطقة الشرق الأوسط شملت، كذلك، السعودية والإمارات. ونظراً لثقل مصر، وأهميتها، في المنطقة، فقد تركزت الزيارة على النواحي الاقتصادية، للاستفادة من الطفرة التنموية الكبرى التي حققتها كوريا الجنوبية، في السنوات الماضية، كما أعلن السيد الرئيس.
تناولت المباحثات، بين الرئيسين، سبل تعزيز علاقات التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتجارة والتعاون العسكري والأمني، بين البلدين، خاصة في التصنيع المشترك ونقل وتوطين التكنولوجيا الكورية في مصر، في ظل القدرات العالية التي تتمتع بها كوريا الجنوبية في مجال التصنيع الحربي، والتي يحتل جيشها المركز السادس، من حيث القوة، من بين 140 دولة، وفقاً لتصنيف مؤسسة Global Fire Power، ويصنف الجيش المصري في الترتيب الثاني عشر على مستوى العالم.
وفي المقابل ركزت كوريا الجنوبية على أن تتخذ من مصر بوابة لتجارتها إلى أفريقيا، باعتبارها سوقاً واعدة، وقد وعدت مصر بتقديم كافة التسهيلات لجذب الاستثمارات الكورية في المشروعات التنموية في مجالات الطاقة والتعدين والنقل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بما يتناسب مع الرؤية المصرية الرامية إلى انضمام مصر، بقوة، لعصر الثورة الصناعية الرابعة، والانفتاح على أسواق جديدة من خلال توطين الصناعات الكبرى على أرضها. ولقد وقعت مصر عدداً من الاتفاقيات من أهمها التعاون في مجال تطوير السكك الحديدية، وتوطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر كأحد أهم الصناعات المستقبلية، والتعاون في مجال السياحة وتكنولوجيا المعلومات الرقمية والتعدين، كما أبدت كوريا الجنوبية رغبتها في المساهمة في مشروع حياة كريمة.
ومن الناحية السياسية تلاحظ تطابق الرؤى بين الدولتين في الملفات الدولية والإقليمية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها المشكلة الليبية لسرعة تحقيق الاستقرار بها من خلال إجراء انتخابات وطنية. وأشاد رئيس كوريا الجنوبية بدور مصر وثقلها كحجر زاوية في صون الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا، واصفاً إياها بأنها “دولة مركزية تعمل على إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة بزعامة الرئيس السيسي”.
وقد كان اجتماع المائدة المستديرة مع رجال الاستثمار من كلا البلدين بمشاركة رئيس الوزراء المصري حول الاقتصاد الأخضر فرصة لبداية الانطلاق والتعاون بين مصر وكوريا الجنوبية للاستفادة من التجربة الكورية المتنوعة بما يعود بالصالح على مصر. وأعتقد أن هذه الزيارة سوف تكون فاتحة خير لمصر في مجالات التنمية في الفترة القادمة.