بقلم المستشار القانوني: محمود نصر الدين -المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة
مما لاشك فيه أن الحياة الخاصة للأشخاص لها حرمتها ولابد أن تحاط بسياج من السرية لا أن تكون مشاعاً لخطورة هذا الأمر و التقدم العلمي الحديث قد أنتج أجهزة تبيح الاطلاع على ما يجرى في الحياة الخاصة دون علم صاحب هذه الحياة بل وسلبها وجعلها موضع إطلاع للجميع دون إذنه ، وقد تدخل المشرع المصري في أكثر من قانون وجرم هذا الفعل وذلك للحد من تلك الجريمة ووأدها حيث نصت المادة( 309 مكرر) من قانون العقوبات : يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه:(أ) استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون.(ب) التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص في مكان خاص.فإذا صدرت الأفعال المشار إليها في الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع، فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضاً.ويعاقب بالحبس الموظف العام الذي يرتكب أحد الفعال المبينة بهذه المادة اعتمادًا على سلطة وظيفته ويحكم في جميع الحوال بمصادرة الاجهزة وغيرها مما يكون قد استخدام في الجريمة أو تحصل عليه ، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها.) – وتنص المادة (309مكرر عقوبات)على جريمتين الأولى هي جريمة الحصول على حديث والثانية هي الحصول على الصورة وقد أوضح المشرع المصري أركان هذه الجريمة فقد تحدث عن الركن المادي بألفاظ أسترق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة والاستراق يعنى الاستماع خلسة والتسجيل يعنى حفظ الحديث على مادة معدة لذلك والنقل هو إرسال الحديث من المكان الذى يجرى فيه إلى مكان أخر سواء قريب أو بعيد ، أما الركن المعنوي لهذه الجريمة وهو القصد الجنائي فهو مستفاد من طبيعة الأفعال وهو الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة ، وقد بين المشرع معنى المكان الخاص المقصود به في هذه الجريمة لكى تتحقق هو المكان الذى يحاط بسياج يحول دون إطلاع من يوجد خارجه على ما يجرى بداخله ولا يدخل فيه أشخاص سوى من تربط بينهم صفة خاصة ومعنى ذلك أن المكان العام بطبيعته ليست له الصفة الخاصة ، ولا يعد الحديث خاصاً إذا تم إجراؤه في مكان خاص لكن استطاع أن يسمعه من كان في مكان عام سواءً لارتفاع صوت المتكلم ، فحماية القانون هنا لا تمتد إلى حديث تناول أخص الشئون والاسرار ولكنه جرى في مكان عام – وقد شدد المشرع العقاب إذا ارتكبت تلك الجريمة من موظف عام اعتماداً على وظيفته والعلة في ذلك هي ازدياد خطورة الجريمة وفقد الثقة وذلك لما للموظف العام من سلطة تتيح له أن يستغل في ارتكابها الأجهزة التي تمتلكها الدولة ، إلا أن المشرع عاد وحدد أسباباً للإباحة لهذه الجريمة والأول هو تصريح القانون ومثاله أن يصرح القانون باستراق السمع أو تسجيل حديثاً كشفاً عن جريمة أو دفعاً لخطر يهدد أمن الدولة ، أما السبب الثاني وهو رضاء المجنى عليه ويعتبر القانون هذا الرضاء مفترضاً إذا صدر الفعل أثناء اجتماع على مرأى ومسمع من الحاضرين فهنا أعتبر القانون أن رضائهم جميعاً مفترضاً – وتأكيداً من المشرع على خطورة تلك الجريمة على الأشخاص وحياتهم الخاصة فقد نص في المادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية أن الدعوى الجنائية الناشئة عن هذه الجريمة لا تنقضي بمضي المدة ، ثم عاد المشرع مرة أخرى ونص في المــادة( 309 مكرر أ )على الآتي :يعاقب بالحبس كل من أذاع أ وسهل إذاعة أوإستعمل ولو في غير علانية تسجيل أو مستنداً متحصل عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان ذلك بغير رضاء صاحب الشأن. ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الامور التي تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه. ويعاقب بالسجن الموظف العام الذي يرتكب أحد الافعال المبينة بهذه المادة اعتمادًا على سلطة وظيفته. ويحكم في جميع الاحوال بمصادرة الاجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها.