كتبت هدي العيسوي
قال الكاتب والمفكر حسن إسميك، إن الليبرالية فلسفة تتسم بالشمول، ومذهب سياسي يقوم على ثلاثة أركان أساسية هي: الحرية الفردية، ورضا المحكومين بحكّامهم، والمساواة التامة أمام القانون، مشيرا إلى أن الليبرالية بدأت تتمايز عن غيرها من الفلسفات وتستقل كعقيدة سياسية قائمة بذاتها في عصر التنوير، عندما أخذت أفكارها تنتشر بين الفلاسفة والاقتصاديين الغربيين، ولقد شكلت حينذاك انقلابا جذريا على السائد والموروث من المعتقدات والأفكار وحتى أنظمة الحكم، كنظام طبقة النبلاء –أو أي امتيازات وراثية مشابهة، ونظام الملكية المطلقة والحق الإلهي للملوك، وكل أشكال الاحتكارات في الاقتصاد والحواجز أمام التجارة.
ولفت إلى تطوَّر مفهوم الليبرالية مع مرور الزمن، وانقسم إلى اتجاهات ومذاهب، فصار لدينا اليوم؛ ليبرالية اجتماعية وأخرى اقتصادية، وليبراليات إسلامية ومسيحية ويهودية، ليبرالية علمانية، وليبرالية اشتراكية، وليبرالية خضراء؛ قد تختلف هذه الشُعَب في التطبيق (حيث يؤكد التقليد الليبرالي البريطاني مثلاً على توسيع الديمقراطية، في حين ترفض الليبرالية الفرنسية ما تسميه “استبداد الأكثرية” وتركز على بناء الأمة)؛ لكنها تشترك جميعها في المبدأ، وهو الالتزام بحماية حرية الأشخاص في العيش والتفكير، كما يختارون دون تدخل من الدولة، بشرط ألا يلحقوا الأذى بالآخرين.
تابع: من هذا الالتزام الأساس حاججت الليبرالية الكلاسيكية بالحرية الدينية وحرية الاعتقاد والتسامح، والتي جرى التعبير عنها أولاً في كتابات الفيلسوف الإنجليزي جون لوك الذي يُعدُّ أبا لهذه الليبرالية، حيث ساهم في بنائها كفلسفة مستقلة بناء على مفهوم العقد الاجتماعي، بحجة أن لكل إنسان حقاً طبيعياً في الحياة والحرية والملكية، ويجب ألا تنتهك الحكومات هذه الحقوق، بل عليها حمايتها وتوفير شروطها.
ونوه بأن الليبرالية تثير في العالمين العربي والإسلامي لغطاً كبيراً، إذ يرى فيها البعض شراً مطلقاً ونقيضاً للدين والتدين، وأحياناً لمنظومة الأخلاق السائدة لدينا، بحجة أنها منتجٌ غربيٌ بحت، ونقله إلى بلادنا ليس إلا شكلاً جديداً من أشكال الاستبداد الغربي والهيمنة الثقافية ومحو الهوية.. ما يثير السخرية والاستغراب معاً أن أغلب هؤلاء لا يضيعون أية فرصة للسفر إلى هذا الغرب والتنعم بمزايا ليبراليته “الممقوتة” هذه!.