لابد من مصالحة وطنية المستقبل السياسى الليبى لآزال معلقاً، الخلاف على شخصيات المرشحين ثم على قانون الإنتخابات. تعقيد وتشابك للموقف الليبى.
تحديات كبيرة تواجه إجراء الإنتخابات الرئاسية. مشاكل عديدة وملفات كثيرة تنتظر ليبيا بعد إجراء الإنتخابات الرئاسية المقررة فى نهاية الشهر الجالى. لكنّ هناك شكوكاً حول إمكانية إجرائها، فى ظل الإنقسام العميق داخل المجتمع الليبى ورفض للمرشحين.
من المقرر أن يتوجه الليبيون يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول الى صناديق الإقتراع لإختيار رئيس للبلاد فى محطة تعتبر تتمة لعملية سياسية رعتها الأمم المتحدة وتهدف الى وضع حد لعقد من الفوضى فى البلاد بعد سقوط نظام معمر القذافى فى 2011.
ويشكل تنظيم الإنتخابات تحدياً كبيراً للسلطات الإنتقالية التى تتولى إدارة شئون البلاد منذ مارس/ آذار. وفى حال حصول الإنتخابات، وهو أمر مشكوك به هناك قضايا كبرى عالقة تنتظر حلولاً.
وتحيط شكوك كثيرة بمسألة إجراء الإنتخابات، بسبب الإنقسامات العميقة، لاسيما حول قانونية القانون الذى ستجرى على أساسه. فقد أقر البرلمان، الذى يتخذ من طبرق فى الشرق مقراً له، فى سبتمبر/ أيلول، قانوناً إنتخابياً مثيراً للجدل دون طرحه للتصويت. وإرتفعت أصوات منددة بأنه فُصّل على قياس المشير خليفة حفتر، الرجل القوى فى الشرق والذى تسيطر قواته على شرق البلاد وقسم من الجنوب.
وينص القانون على وجوب أن يستقيل المسئولون من مهامهم فى حال أرادوا الترشح للإنتخابات الرئاسية – الأمر الذى فعله حفتر بعد أن إستقال من قيادة “الجيش الوطنى الليبى قبل أن يترشح – على أن يستعيدوا منصبهم فى حال لم يفوزوا بالإنتخابات. وأعلنت السلطات الأحد إرجاء الكشف عن لآئحة مرشحى الإنتخابات الرئاسية، ما زاد من الشكوك حول إجرائها بالفعل. وعلى الرغم من التقدم السياسى الذى تم إحرازه منذ سنة خاصة بعد وقف إطلاق النار بين شرق ليبيا وغربها، يبقى الوضع الأمنى هشاً. ففى الشرق، أقام حفتر نظاماً متسلطاً الى حد بعيد، يصفه معارضوه بـالدكتاتورية العسكرية. وفى المناطق الأخرى يسود حكم المجموعات المسلحة المتنافسة أحياناً.
هذا وتخللت العملية الإنتخابية حوادث عدة ففى 29 نوفمبر/ تشرين الثانى أعلنت الحكومة الليبية أن مجهولين إعتدوا على المحكمة الإبتدائية فى سبها (جنوب) ما حال دون إنعقادها للنظر فى طعن قدمه سيف الإسلام القذافى، على قرار منعه من الترشح للإنتخابات الرئاسية. وفى النهاية أُقرت المحكمة ترشيح القذافى. وأثار هذا الحادث قلق الأمم المتحدة. كما إشتكى ناخبون على مواقع التواصل الإجتماعى من أن أشخاصاً سحبوا بطاقاتهم الإنتخابية ما غذى الشكوك بإحتمال حصول تزوير. وسُرق أكثر من 2300 بطاقة إنتخابية من خمسة مراكز إقتراع على أيدى مسلحين فى غرب البلاد، بينها طرابلس.
وتشكل ردة الفعل على الإنتخابات فى حال حصولها أبرز مصدر قلق. ففى غرب البلاد هناك عداء واضح للمشير خليفة حفتر، الذى شن هجوماً ضارياً فى محاولة للسيطرة على طرابلس بين العامين 2019 و2020.
كذلك، هناك معارضة شديدة لسيف الإسلام القذافى الملاحق بمذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتهمة إرتكاب جرائم ضد الإنسانية. كما يوجد معارضون لرئيس الحكومة الإنتقالية عبد الحميد الدبيبة، الذى كان قد تعهد بعدم الترشح، ثم تراجع وأعلن ترشحه. ويرى نائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة جمال بينومار، الذى يرأس حالياً المركز الدولى لمبادرات الحوار أنه سواء تم إرجاء الإنتخابات أم لا فإن ظروف إجراء إنتخابات حرة وعادلة غير متوفرة فالليبيون منقسمون بشكل أعمق يحول دون قبولهم او توافقهم على نتائج الانتخابات.
وما تزال هناك ملفات عديدة تنتظر أى حكومة ليبية مقبلة أبرزها توحيد المؤسسات، لاسيما المصرف المركزى والجيش. كما يجب وضع دستور للبلاد التى لم يعد لها دستور منذ الغاه القذافى عام 1969.
ويفترض تناول وضع حقوق الإنسان فى البلاد. فقد أفاد تقرير لبعثة تحقيق تابعة للأمم المتحدة فى بداية أكتوبر/ تشرين الأول أن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إرتكبت فى ليبيا منذ 2016. كما تحولت البلاد الى نقطة للإتجار بالبشر فى المنطقة ويوجد فيها عشرات آلاف المهاجرين غير القانونيين الساعين الى العبور نحو أوروبا ممن وجدوا أنفسهم عالقين فى مخيمات فى ظروف مأساوية. بالإضافة الى ذلك يريد السكان حلولاً لمشاكلهم الحياتية الكثيرة مثل إنقطاع الكهرباء ونقص السيولة والتضخم المالى والحاجة الى إنعاش الإقتصاد المعتمد بقوة على تصدير المشتقات النفطية.
ويعتبر تفكيك المليشيات شرطاً أساسياً لإحلال السلم فى البلاد الى جانب خروج حوالى عشرين الف عنصر من المرتزقة والمقاتلين الأجانب الذين دخلوا ليبيا ليقاتلوا الى جانب هذا الطرف أو ذاك.