كان احتفال السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بأصحاب الهمم، الأسبوع الماضي، والذي كان أطول احتفال يشهده سيادته منذ توليه حكم البلاد، يوم عظيم من وجهة نظري في تاريخ مصر، لما قدمه من رسالة، واضحة، بأن أصحاب الهمم جزء من نسيج هذه الأمة، لا يجب إغفاله أو تهميشه. فقد أرسى سيادته قواعد تمكينهم من خلال حزم الإجراءات والبرامج، التي وضعها لدمجهم في جميع مشروعات الدولة، كجزء من استراتيجية الارتقاء بحياة المواطن المصري بصفة عامة. وأثناء الاحتفال، شعرت، والله، بالفخر والعزة، لرقي تعامل سيادته مع هذه الفئة من أبناء الشعب المصري، والتجاوب معهم، والاستجابة لمتطلباتهم، بحنان الأب، ومسئولية القائد، ليكون قدوة لعموم المصريين.
وتذكرت السنوات السبع التي قضيتها في الأقصر، محافظاً لها، والتي كنت أحرص خلالهم، في الاحتفال بأعياد الفطر المبارك والأضحى وعيد الأخوة الأقباط في 7 يناير، على زيارة كل الجمعيات الخيرية، بالمحافظة، مع التركيز على تلك المعنية برعاية أبنائنا من ذوي الهمم، فكنت أقابل نماذج فريدة من الأمهات المصريات، العظيمات، اللائي لا يحملن على عاتقهن مسئوليات الأمومة الجسيمة، فحسب، وإنما يحملن، بحب وحنان، مسئوليات إضافية نحو أبنائهن من ذوي الاحتياجات الخاصة. وخلال تلك الفترة، أوليت اهتماماً، خاصاً، للثلاث مدارس المخصصة لهم في الأقصر، وهم مدرسة الصم والبكم، ومدرسة المكفوفين، ومدرسة التأهيل الفكري، ويشهد الله أنني بذلك قصارى جهدي في توفير كافة الإمكانات لهم، وحضور جميع أنشطتهم، لمشاركتهم، ومشاركة ذويهم، فرحة النجاح، ولا أتذكر أن رفضت، يوماً، طلب لأي مدرسة منهم، لأنني كنت أشعر بمعاناة هذه الفئة من المجتمع.
واليوم، بعدما وضع السيد الرئيس استراتيجية الدمج والتمكين، يبقى الدور على مؤسسات الدولة، والقطاع الخاص، وأفراد الشعب، في التنفيذ، بعدم التمييز ضدهم، وتخصيص جزء من الوظائف لهم، مع إتاحة التسهيلات اللازمة لحركتهم، مع ضرورة دمجهم في الأنشطة الرياضية والثقافية، لنتفادى ما سمعناه، يوماً، في حديث تليفزيوني، للفنان المبدع عمرو سليم، صاحب السجل الحافل من الأعمال الموسيقية الراقية، بأنه حرم من الالتحاق بمعهد الموسيقى العربية لأنه كفيف!
أتمنى أن يكون لقاء السيد الرئيس بأصحاب الهمم، بداية لانطلاق فكر جديد، على مستوى المؤسسات والأفراد، لإدراك أهمية دمج كافة الفئات المهمشة، لما لذلك من أهمية قصوى في الترابط المجتمعي، أولاً، فضلاً عما يضيفه لرصيد مصر الدولي كبلد متحضر يراعي الجوانب الإنسانية للمواطن.