كتب : وائل عباس
أستكمالا لما سبق سرده عن ذلك الموروث المميت ؛ ونهر الدماء الذى يجرى ويتجدد ولا يجف حتى أخر العمر ؛ ويتوارثه الأبناء عن آبائهم ؛ ولا يفرط فيه إلا من انقطع عن أهله واقتلع جذوره بيده … أنه الثأر
يتعاير به الأبناء فى الصغر ؛ و وتزكية الأمهات في ارحامهم ؛ ويلقنونه لأطفالهم تلقين المحتضر للشهادة ؛ وتتطاول به هامات الرجال ؛ ويتفاخر به الفحول فى المجالس .
أنه صعيد مصر حيث العادات والتقاليد والأعراف والمجتمع القبلى الأصيل .
من هناك حيث الصلابة ومعادن الرجال ؛ أستوقفنى مثل شعبى غريب ؛ نعم ربما غريب على أهل المدن لكنها العادات والتقاليد … يقول المثل وهو عبارة عن حديث يدور بين الرجال فيقول أحدهما للآخر ( متى أخذت بثأرك) فيقول الآخر ( بعد عشرون عاما ) فيرد الأول ويقول ( ولما استعجلت )
منطق غريب مرعب ظلامى ؛ فى كيفية الأخذ بالثأر ولو حتى بعد عشرون عاما ؛ عشرين عاما يضمرها القاتل في صدره ؛ ويبيت لها ؛ ويتحين الفرصة ؛ يتربص بالقتيل ويترصده ؛ لا يفكر في مصيره ولا مصير أسرته من بعده ؛ لا يشغله عن هدفه فتنة الزوجة والولد ؛ ولا الحلال والحرام ؛ هدفه الأخذ بالثأر والأنتقام ؛ ربما يكون الأنتقام لأحد عمومته أو أبناء عمومته أو أبناء العشيرة وليس لأبيه مثلا ؛ لكنها العادات .
ذلك هو هدف القاتل وغايته .
كل ذلك ليستعيد كرامته ويرفع رأسه بين الرجال ؛ هذه هى العقيدة والأعراف القبلية .
ومن هنا إلى هناك ؛ لنقف على الجهة المقابلة حيث القتيل أو المطالب بالدم ؛ هو يعلم جيدا أن مصيره الموت الحتمى الذى لا مناص منه ؛ يترقبه وينتظره كل لحظه ؛ حتى وأن بعدت المسافات وفصلت البحور والمحيطات بينه وبين القاتل ؛ فهو يعلم أنه قادم لا محالة ؛ أصعب من الموت هو أنتظاره ؛ الفكر القاتل هو السم الذى يدسه القاتل للمقتول ؛ سم بطىء فعال يسرى فى كل أنحاء الجسد بمنتهى البطء ؛ فلا يستطيع الإنسان أن يتمتع بأى متع الحياة ؛ فهو يعلم أنه مستهدف ؛ يرى الموت قادم فى وجوه الأغراب ؛ وعند سماع خطوات اقدام الرجال .
موروث بغيض يجب علينا تداركه بكل الطرق والوسائل ؛ نحتاج أن تتعامل معه أجهزة الدولة ومؤسساتها بأيجابية وسرعه ؛ يجب على رجال الدين في كل مؤسسات الدولة أن تنشط مؤسساتها وخاصة ( بيت الأمة ) برئاسة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر ؛ يجب على العلماء أن تبدء حملة تجوب كل محافظات صعيد مصر ؛ لحقن الدماء والأصلاح بين الناس ؛ يجب على أهل العلم توعية الناس ؛ وإرشادهم إلى الصواب ؛ إلى ما يرضى المولى عز وجل ؛
أناشد السيد الرئيس بأصدار توجيهات سيادته لمؤسسات الدولة سواء الدينية ؛ أو الشرطية أو وزارة العدل وهيئات القضاء بعدم أنتظار الجريمة حتى تقع ؛ بل علينا أن تكون لنا ضربات استباقية لإيقاف نزيف الدم .
حفظ الله مصر رئيسا وجيشا وشعبا