كتب : وائل عباس تكلمنا في المقال السابق عن عمق العلاقات بين مصر والإمارات وجذورها الممتدة منذ تأسيس الشيخ / زايد … رحمه الله للأتحاد الأماراتى ؛ وذكرنا كيف أصبحت هذه العلاقات من القوة والمتانة خصوصا في الأونة الأخيرة ؛ وكيف لعب الرئيس // السيسي … والشيخ // محمد بن زايد … دورا مهما في تعميق هذه العلاقة وفقا لما فرضه الواقع من تحديات خطيرة سواء على مستوى الوطن العربي أو المنطقة ككل ؛ ودور التحالفات سواء في المنطقة أو العالم فى فرض نفوذها ؛ وخصوصا على المحورين العسكري والأقتصادى ؛ وكيف أنتبه التحالف العربى والذى كان قوامه ( السعودية ومصر والإمارات والبحرين ) إلى خطورة خروج ( قطر ) عن السرب ؛ وكيف أصبحت خنجرا فى ظهر الجسد العربى ؛ ناهيك عن تركيا وأطماعها الأحتلالية فى بلدان العالم العربي ؛ ولا يجب أن ننسى الأطماع الفارسية فى الخليج بصفة خاصة والوطن العربي على وجه العموم ؛ وتلاعب القوى العظمى بكل هذه الأوراق لتشكل ضغطا تبتزه به دول المنطقة وخاصة الدول الخارجية ؛ من هنا كان لزاما على دول معينة كدول التحالف أن تقترب أكثر من بعضها البعض سواء على المستوى الأقتصادى أو العسكرى ؛ وهذا ما تم بالفعل . ولكن فى الآونة الأخيرة نجد أن الإمارات خطت خطوات منفردة ؛ منها التعاون مع إسرائيل ؛ والذى تم فيه الاتفاق على خط لنقل الغاز بين الإمارات عبر إسرائيل إلى آوروبا ؛ وهو ما يمثل ضربة نوعية لقناة السويس ؛ بل ضربة أقتصادية لمصر كلها ؛ وهنا نجد أن الإمارات بدأت في العمل المنفرد لمصلحة نفسها ؛ وهو ما يمثل خروجا عن النص ؛ وتغريدا خارج سرب التحالف العربى . ثم قيام الإمارات بموقف غريب للغاية ؛ وهو دعم رئيس الوزراء الأثيوبي عسكريا وامداده بالمال والعتاد العسكري ؛ وهو الموقف الذى لم تتخذه اى دولة معادية لمصر ؛ والإمارات تعلم جيدا مدى عداء هذا الرجل لمصر ومايمثله السد الأثيوبي من خطر على الشعب المصري . وهذا ما يذيد الفكر حيرة . وذاد الحيرة عجبا زيارة الشيخ // محمد بن زايد … لتركيا ودعمه للأقتصاد التركى ب ١٠ مليارات دولار . عند التفكير في هذا الأمر وما عليه الإمارات من موقف عدائى للدولة المصرية الآن ؛ لا أجد تحليلا يناسب العقل والمنطق إلا أن موقف الإمارات لا ولن يتم بغير ترتيب مع القيادة المصرية . بل ربما تكون هذه حنكة وترتيب القيادة السياسية المصرية ذات العقل المخابراتى لخطة عمل تلعب فيها الإمارات ذلك الدور العدائى . فالأمارات أقتربت واعترفت بأسرائيل رسميا بعد أتفاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة ( دونالد ترامب ) والقيادة الإماراتية والمصرية . وكانت هذه الخطوة من نتائجها أخراج ( قطر ) من المعادلة السياسية الأمريكية في المنطقة ؛ وهذا ما تم بالفعل ؛ وأيضا تحييد إسرائيل جانبا عن الجانب العربي ؛ وشد أنتباهها لخطر الدولة الفارسية على إسرائيل والدول العربية ؛ وهنا نقطة تلاقى مشتركة ؛ مما نتج عنه فى الفترة الأخيرة ذيادة التوتر بين البلدين والتصعيدات الكلامية بالحرب . أما إمداد أثيوبيا بالمال والسلاح فهو أيضا بترتيب من القيادة المصرية ؛ لإغراق الدولة الأثيوبية بالديون والتحكم في قراراتها ؛ على أن تدعم مصر والسودان مقاتلى التيجراى ؛ فتنقسم أثيوبيا وتتفتت وتخور قواها ؛ ثم يتم انفصال الإقليم المقام عليه السد . أما التقارب الإماراتى التركى ؛ فسينتج عنه قريبا انسحاب القوات التركية من قطر بعد توقف قطر عن دعم تركيا في أزمتها ؛ ثم ينتج عنه انسحاب المرتزقة الموالين للأتراك من ليبيا ؛ وهذا لتأزم المفاوضات بين مصر وليبيا ؛ لذا تحتم دخول الإمارات لمساومة الاتراك وتغليل أيديهم وطموحاتهم . مما سبق نجد أن الإمارات العربية المتحدة تغرد مع السرب وتسبح مع تيار التحالف ؛ وإن كانت تبدو غير ذلك . فالسياسة لها فنياتها ؛ وليس كل ما يخطط له يقال ؛ وربما ستفسر الأيام المقبلة كثيرا من الأحداث . نسئل الله أن يحفظ مصر وشعبها وسائر بلدان الوطن العربي