في نفس التوقيت من كل عام تسقط الأمطار وتغرق المحافظات ، وتتعطل المصالح وتقف الحياة ، وتعلن حالة الطوارئ في وزارة الداخلية ، ونشوف رؤساء المباحث ، مع المسؤولين وعمال الصرف الصحي ، في الشوارع لتصريف مياة المطر ، وتسهيل حركة المرور ( عمل جديد يدخل ضمن أعباء وزارة الداخلية ” الغير مقدر ” . من الملفات القليلة التي لا يمكن تحميلها على وعي الشعب ، والشعب منها برئ ، هو غرق شوارع المدن بسبب سوء الأحوال الجوية ، وهي مشكلة ليس الحديث فيها بجديد ، فالاتهام جاهز والمتهم موجود . مبررات السادة المسؤولين هي نفس مبررات العام الماضي وقبل الماضي ، بأن البلاد تتعرض لطقس أو منخفض جوي غير مسبوق لا يتحمله مرفق الصرف الصحي والأجهزة المعاونة بالدولة ، وما شاهدناه في محافظة أسوان من سقوط الثلوج و غرق المحافظة ، يدعم ما يردده المسؤولين من مبررات . من السهل توجية اتهامات بالقصور للسادة المحافظين والأجهزة التنفيذية بالدولة ، وهذا لو كان الأمر مقتصر على محافظة أو اثنين ، اما أن يكون الأمر ممتد لغالبية محافظات الجمهورية التي سقطت بها الأمطار ، فنحن أمام مشكلة دولة لملف فوق إمكانيات السادة المحافظين ، فليس من المنطق أن يشترك جميع المحافظين في صفة الإهمال والغباء الوظيفي وسوء التقدير . المواطن ليس أمامه سوى المحافظ ، فعنده حق عندما يحمله مسؤولية غرق المدينة ولديه مبرراته ، فهو ينظر الي منظومة العمل داخل المحافظة بصورة أكثر شمولية ، هل هناك سوء تخطيط في ملف ما ، أم أن المنظومة كلها تحتاج إلى أعادة نظر ، حتى يمكنه أن يتقبل مبررات المسؤول في طرح أسباب غرق المدينة بسبب الأمطار ، فهناك مشاكل آخرى مثل إنتشار القمامة ، و الأسواق العشوائية ، و فوضى الباعة الجائلين … الخ ، كل هذا يولد لدى المواطن قناعة أن المنظومة التنفيذية وعلى رأسها المحافظ فاشلة ، والنتيجة عدم قبول المبررات التي يقدمها المسؤول التنفيذي ” المحافظ ” . ما سبق هي مشاكل مشتركة عجز المحافظين على حلها ، وهو ما يعني وجود مشكلة عامة على مستوى محافظات الجمهورية فوق إمكانيات المحافظين تحتاج الى إعادة النظر في اساليب الحل ، بالتفكير خارج الصندوق بطرح أفكار جديدة ، وهو ما يفرض على المحافظين أن يخرجوا من فقه ” كله تمام ” ، و عبارة بناء على تعليمات السيد الوزير ، والبعد عن الشوهات الإعلامية ، ويتمتعوا بالشجاعة في عرض المشاكل بكل أمانة وشفافية على السيد رئيس الوزراء لتبرئة أنفسهم ووضع الحقائق أمام مصدر القرار ، وإلا الخروج بكرامة .