تدور أحداث مسرحية المومس الفاضلة والتي استوحى كاتبها جون بول سارتر أحداثها من واقعة حقيقة تعرف إعلاميا بـ«فتية سكوتسبورو»، حول فتاة ليل تدعى «ليزي» التي تكون الشاهدة الوحيدة على واقعة تعدى رجل أبيض على فتاة ليل داخل القطار، ولكن توجه الاتهامات إلى راكب أسود البشرة والذي يهرب في محاولة لإثبات برأته ، وتتعرض «ليزي» لضغط شديد من قبل والد الرجل الأبيض، الذي يعمل سيناتور في مجلس النواب الأمريكي، في محاولة لجعلها تشهد ضد الرجل الأسود في المحكمة، وأمام رفضها يهددها بالقبض عليها بتهمة ممارسة البغاء. القصة الحقيقية المأخوذ عنها مسرحية ” المومس الفاضلة ” استوحاها الكاتب الفرنسي جان بول سارتر ، خلال زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وإطلاعه على تفاصيل قضية شهيرة للعنصرية ضد السود، وهي “قضية سكوتسبورو”، التي تم اتهام 9 من المراهقين السود الذين تصادف وجودهم ضمن ركاب أحد القطارات، بالاعتداء على فتاتين عاهرتين من البيض، وتم إنزالهم في منتصف الرحلة والقبض عليهم في مقاطعة “سكوتسبورو” ، واعترفت واحدة من العاهرتين أمام القاضي أن التسعة متهمين لم يعتدوا عليها، لكن المحلفين والمحكمة رفضوا شهادتها وحكم على 8 متهمين سود بالإعدام، فيما عاش المراهق التاسع، ويدعى روي رايت، وكتب شهادته في كتاب أستوحى منه جان بول سارتر رواية “المومس الفاضلة”. هذه المسرحية عرضت في مصر منذ ٤٥ سنة تقريباً ، وكانت البطوله من نصيب الفنانة القديرة سميحة أيوب ، ولم يكن هناك موقف شعبي من عرض المسرحية تحت هذا المسمى ، خاصة وأن أسم ” مومس ” موجود في اللغة العربية . طبعاً الكلام ده لم يكن على هوى النائب أيمن محسب، الذي تقدم بطلب إحاطة لرئيس مجلس النواب، ووزيرة الثقافة، بشأن مسرحية بول سارتر “المومس الفاضلة” التي تعتزم الفنانة إلهام شاهين تقديمها على خشبة المسرح . لا أريد الدخول في مبررات النائب وقناعاته ، وهل الاعتراض على أسم المسرحية ، أو مضمون الرواية ، أو إنها غير مناسبة لثقافة مجتمعنا ، اسباباً متعددة لوجهة نظر فد يتفق معها البعض وقد يختلف . لكن هناك وجهة نظر أخرى تري أن عرض الأدب العالمي على مسارحنا مطلوب لأنه يكشف ثقافات دول أخرى ، من الأهمية معرفتها ، فالرواية تتكلم عن العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية ، ورغم أن الكاتب كتب روايته منذ ٧٥ عاماً ، الا أن العنصرية مازالت موجودة في أمريكا ، وأن السود مضطهدين كما جاء في الرواية ، وكلنا شاهدنا معاناه السود في بعض الولايات الأمريكية . انا كمواطن مصري أو عربي يهمني أن أعرف ثقافة الغير ، خاصة عندما يمس مجتمع رئيس مجلس أدارة العالم ” أمريكا ” . اما اذا كان الاعتراض على ربط الفضيلة بالمومس ، فهذا تسطيح في الفهم ، فلي صديقة مثقفة كتبت مقال عن جهاد النكاح ووضعت عنوان للمقال ” النكاح المقدس ” ، عنوان قوي وصادم ، لكن من يقرأ المقال يجد العنوان متسق مع المضمون ، وكان من أقوي المقالات التي قرأتها . لكن أن يتدخل مجلس النواب ليحدد ما اشاهده أو لا اشاهده ، فهذا كلام عبثي غير مقبول ، فلا مكان للعقول الظلامية التي تحاول أن تأخذنا إلى سراديب التطرف والعقول المتحجرة ، والله يرحم الزمن الجميل زمن الثقافة والتنوير ، والذي قبل عرض هذا العمل المسرحي من خمسين عام ، بوعي وفهم لقيمة ما يقدم ، ولم يقف عند لفظ ” مومس ” الكلمة الطبيعية في اللغة العربية ، لكن نعمل ايه للعقول الذكورية ، اللي دايماً بتشوف الأمور من نظرة سفليه .