بدعوة كريمة من الوزير الأسبق دكتور محمود أبوالنصر، القائم برئاسة الجامعة الكندية، للدكتور وسيم السيسى، لإلقاء محاضرة عن نصر أكتوبر العظيم، كان الحديث عنى منذ فجر التاريخ، وكيف كانت القوانين أن يكون الملك فى مقدمة الصفوف، وأن نحمل أبناء الأسرى عند العودة، وألّا نحمل غنائم لأن مصر غنية، وكيف استعان لورد اللنبى فى الحرب العالمية الأولى بخطط تحوتمس الثالث العسكرية «مجدو- عرونا»، كما استعان فيلد مارشال مونتجومرى بنقل السفن مفكَّكة على اليابسة ثم إعادة تركيبها قبل إنزالها للبحر، وهى من خطط تحوتمس الثالث أيضًا. تعطلت قدراتى العسكرية أمام غزو البلدان التى حولنا والطامعة فينا طوال ٢٥٠٠ سنة احتلالًا، حتى جاء محمد على باشا ١٨٠٥ فأنشأ جيشًا زلزل أوروبا ١٨٣٠.
ولولا إنجلترا كنت اقتحمت الآستانة وأدّبت أسلاف أردوجان، الذين أذاقوا مصر الذل والهوان طوال ٤٠٠ سنة. أعلنت مصر الحرب تحالفًا مع إنجلترا وليست تابعًا لها فى أغسطس ١٩١٤ فى عهد عباس حلمى الثانى.. ما لا تعرفونه وذكره دكتور أشرف صبرى فى كتابه: «رحلة إصرار.. مصر سبب النصر فى الحرب العالمية الأولى»، قال إننا كنا جيشًا قوامه مليون ومائة ألف جندى، استُشهد منهم فى مصر، السودان، دارفور، المكسيك، فرنسا، بلجيكا، إنجلترا، ستمائة ألف شهيد، حتى إن سيد درويش غنّى: «بردون يا ونجت بلادنا خربت»، كما غنى: «بلدى يا بلدى، امتى أرجع بلدى، والسلطة أخدت ولدى».
وكانت إنجلترا مدينة لمصر بـ٢٨ مليار جنيه إسترلينى، قيل إن مصر تنازلت عن هذه الديون وقت العدوان الثلاثى ١٩٥٦.. وجد الدكتور أشرف صبرى مقابرنا فى معظم عواصم العالم، وصوّرها فى كتابه الرائع، كما ذكر تصريحات قادة جيوش الحلفاء عن الكتائب المصرية.. هو ذا نابليون الثالث فى المكسيك يقول: لم نذق طعم النصر إلا عند حضور الكتائب المصرية، ولم نذق طعم الهزيمة بعد وجودهم معنا.. أيضًا مارشال فوريه يقول: إنهم لا يهابون الموت، كأنهم ليسوا بشرًا بل أسود، كذلك مارشال مارمون يطلب من القيادة العليا للحلفاء: لا ترسلوا لنا فرقًا تركية، أرسلوا لنا كتائب مصرية!. كذلك كتشنر يصرح: ما من مأزق وقعت فيه إلا وجاء إنقاذى على يد المصريين. وأخيرًا ماسبيرو يعلن: ما أعجب هذا الشعب!، تحس أنه انتهى ولا يلبث أن ينفض التراب ويولد من جديد. وصاحب هذه المقالة يردد دائمًا أننا شعب كالطائر الأسطورى «العنقاء»، ويذكر بيتًا لأبى العلاء المعرى:
أرى العنقاء تكبر أن تُصادا/ فعاند مَن تطيق له عنادا!!.
كما يقول دائمًا: لم أكن أصدق ما قاله نابليون بونابرت: «لو أن نصف جيوشى من المصريين لكنت غيّرت العالم.. قل لى مَن يحكم مصر، أقل لك مَن يحكم العالم!».
ولكنى تحققت من صدق هذه الكلمات فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.. مصر وقفت ضد أشرار العالم، مصر غيّرت العالم، ومَن يغير العالم.. يحكم العالم.
قال الدكتور وسيم: لم تكن ١٩٦٧ حربًا، بل كانت غزوة قُطاع طرق، الحرب جيش أمام جيش، إذن لم تكن حربًا، بل الحرب كانت ١٩٧٣، كانت العبقرية المصرية التى تجلّت فى قنبلة مائية وليست نووية، هدمت بها ساترًا ترابيًا طوله ١٧٠ كيلومترًا، وعمقه ١٢ كيلومترًا، وارتفاعه عشرة طوابق، تجلّت العبقرية العسكرية فى الإخفاء والاختفاء، كما تجلّت فى سد مواسير النابالم التى تشتعل بالماء، كما تجلى الإبداع المصرى فى الشفرة النوبية.. يُحدثنا الدكتور سمير فرج كيف كان مدرسًا فى كلية أركان حرب كمبرلى فى إنجلترا.
كما أنه أول ضابط من خارج حلف الناتو والكومنولث البريطانى يعمل مدرسًا بها يقول: إن نسيت، لا أنسى هذه المناظرة Debate بينى وبين شارون فى الـB.B.C وكان مقرر المناظرة الناقد الأمريكى إدجار ألان بو، الذى سأل شارون: ما أكبر مفاجأة لك فى حرب 1973؟!.. قال شارون: ليست الحرب ولا موعدها، ولكن المفاجأة الكبرى كانت: الجندى المصرى!. سالت الدموع من عينى الدكتور سمير فرج وأيقن أنه شعب لن يُهزم أبدًا.
أنا الجندى المصرى، جيناتنا مكتوبة على كروموزوماتنا: الحرب للدفاع وليست للغزو، علّمنا العالم الحضارة، شرف العسكرية، الغنى والاستغناء، لذلك:
مشت (بمنارنا) فى الأرض روما/ ومن (أنوارنا) قبست أثينا!.
تعالى الله كان السحر (فينا)/ (ألسنا) للحجارة (مُنطِقينا)؟!.