لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى في حديث السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الخريجين الجدد من الكليات العسكرية يوم حفل تخرجهم، وجه سيادته إليهم نصيحة هامة، بضرورة الوعي للتصدي لحروب الجيل الرابع والخامس.
وقد تسلسلت الحروب منذ بدء الخليقة، بالجيل الأول منها، القائم على باستخدام السيوف والسهام والعجلات الحربية. ثم ظهرت حروب الجيل الثاني، المواكبة لاختراع البارود، وما تلاه من اختراع البنادق والمدافع، لتعتمد تلك الحروب على قوة النيران، وكانت أهمها معارك نابليون بونابرت. ثم تعرفنا على حروب الجيل الثالث مع بداية الحرب العالمية الأولى، بظهور الدبابات والطائرات المقاتلة والمدمرات والغواصات، ليصبح الشكل الجديد لهذه الحروب ما أطلق عليها معركة الأسلحة المشتركة. وباستخدام الولايات المتحدة الأمريكية للقنبلة الذرية ضد ناجازاكي وهيروشيما، اليابانيتين، في نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح العالم يقسم حروب الجيل الثالث إلى حروب تقليدية وحروب نووية، قبل أن ينتبه العالم لحقيقة أن حروب الجيل الثالث، لا تحقق، في بعض الأحيان، للمنتصر أهدافه من الحرب التقليدية، وكان أبرز الأمثلة على ذلك، انتصار إسرائيل، عسكرياً، في حربها ضد مصر عام 67، إلا أن مصر تمكنت، بشعبها وقواتها المسلحة، أن تعيد تنظيم صفوفها، وتقف في وجه عدوها حتى حققت الانتصار المجيد في أكتوبر 73.
ومن هنا بدأ التفكير في حروب جديدة، تستهدف تدمير وتفكيك مفاصل الدولة، ليس بالدبابة والمدفع، ولكن من خلال مهاجمة العقول وتدميرها، وهو ما يعرف بحروب الجيل الرابع، ومع تسارع التقدم التكنولوجي والأقمار الصناعية، وظهور حروب الفضاء السيبراني، والإعلام الإلكتروني الجديد، ووسائل التواصل الاجتماعي، ظهر فكر حروب الجيل الخامس لمهاجمة العقول وتدميرها باستخدام هذه الأساليب التكنولوجية الجديدة، والتي يتم من خلالها تدمير وهدم أركان الدولة، دون استخدام القوة العسكرية، وذلك بنشر الإشاعات والأكاذيب، بواسطة جهات غير رسمية، اعتماداً على مبادئ الحرب النفسية، واستغلال وسائل الإعلام الحديثة وشبكة الإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي، لتحقيق أهدافها النهائية، بإحداث شروخ بين الشعوب وقيادتها وقواتها المسلحة، ليفقد المواطن الثقة في دولته وإدارتها، ويصبح ناقماً على كل ما تنفذه الدولة من إصلاحات. ويعد ذلك استراتيجية وركيزة حروب الجيل الرابع والخامس، القائمة على مهاجمة العقول، واستخدام أصحابها كمعاول هدم لأركان الدولة وتدمير مفاصلها، وذلك دون الحاجة لاستخدام القوة العسكرية.
الخلاصة أن يتم تدمير وإسقاط الدولة من الداخل وليس بقوات عسكرية، وهو ما نبه السيد الرئيس لضرورة الانتباه لخطورته، والتصدي له بالوعي، مؤكداً على الضباط الجدد عن مسؤوليتهم في توعية جنودهم وأنفسهم بالتصدي لهذه الحروب الجديدة، وهو ما لا يقل في أهميته عن القتال بالدبابات والمدافع في ميداين القتال.