علمونا في المدرسة وأحنا صغيرين ، إن الملك فاروق كان راجل فاسد ، وانه السبب في هزيمتنا في حرب فلسطين عام ٤٨ ، لما سلح الجيش المصري بأسلحة فاسدة ، لما كانت الطلقة بدل ما تخرج ناحية العدو ، ترد في جنودنا . بصراحة كان الإعلام والكتب المدرسية وأدبيات جماعة الإخوان وراء ترسيخ فكرة ” الملك الخائن ” ، فقد فجر الكاتب إحسان عبد القدوس على صفحات مجلة روز اليوسف ، التي كان يترأس تحريرها ، قضية الأسلحة الفاسدة ، وقال أن الجيش المصري تعرض للخيانة في حرب فلسطين عام ١٩٤٨ ، وأستخدم أسلحة فاسدة قتلته ، بدلاً من قتل العدو ، فكان ذلك سبب الهزيمة ، ومن بعدها بدأ الترويج لتلك الفكرة ، والتي أثبت التاريخ كذبها وتلفيقها بالملك . ولعب التليفزيون المصري دوراً كبيراً على مدى عقود طويلة في ترسيخ تلك الفكرة الكاذبة ، وجسد هذا الأمر في بعض الأعمال الفنية كفيلم ” رد قلبي ” الشهير ، والذي أنتج عام ١٩٥٧ ، والذي يتم إذاعته سنوياً في ذكرى الاحتفال بثورة ٢٣ يوليو ، وفيه يحكي الممثل كمال ياسين ( الضابط سليمان وهو من الضباط الأحرار ) لشكري سرحان ( الضابط على ) عن رحيل زميلهما رشدي اباظة ( صلاح ) الملاكم الذي لقى حتفه في حرب فلسطين عام ١٩٤٨ ، حيث أن السلاح كان يقتل الجيش نفسه بدلاً من قتل الصهاينة ، وفي فيلم ” الله معنا ” والذي تم عرضه في عام ١٩٥٥ حيث نجد الضابط عماد حمدي وقد بترت ذراعه بسبب الأسلحة الفاسدة ، وغيرها من الأعمال الفنية التي كانت ترسخ لتلك الاكذوبة . ويقول كتاب التاريخ المقرر للصف الثالث الثانوي ” في مصر ” ، كانت الأسلحة الفاسدة من الأسباب الرئيسية للثورة ، عندما أخذت النيابة العامة في التحقيق في قضية الأسلحة الفاسدة ، أثبت التحقيق أشتراك بعض رجال حاشية الملك فاروق في صفقات السلاح ، هكذا تربت أجيال عديدة في مصر ، وهي على يقين بأن هزيمة الجيش المصري في فلسطين عام ١٩٤٨ كان سببها ( أن السلاح كان يقتل الجيش نفسه بدلاً من أن يقتل الصهاينة ) . هذا ومن أدبيات جماعة الإخوان ، وما يؤكده كتاب التاريخ السرى للجماعة ، أن الجماعة منذ تأسيسها تستخدم قضية فلسطين لاستعطاف المسلمين، وحشد المزيد مِن الأتباع البسطاء، لجمع الأموال تحت شعارات التبرع مِن أجل المستضعفين فى “فلسطين ” ، أو مِن أجل إنقاذ “الأقصى “وتحريره، إلى غير ذلك مِن الشعارات الوهمية ، وفي الحقيقة نجحت الجماعة ( على غير الحقيقة ) في التسويق على دورها في حرب فلسطين عام ١٩٤٨ ودور الملك في تسليح الجيش بأسلحة فاسدة ، وقد كان هذا التسويق يخدم كل من له مصلحة في تخوين الملك أمام الشعب والتاريخ . شاهدت فيديو عن لقاء للإعلامي عماد أديب مع الفريق أول محمد فوزي على قناة الاوربت برنامج ” شاهد على العصر ” تناول فيه موضوع ” الاسلحة الفاسدة ” في عهد الملك فاروق ، حيث سأله أديب صراحة عن صحة ما أشيع في هذا الشأن ، فكان رده ، لم تكن هناك أسلحة فاسدة ، وكان الهدف من هذه الإشاعة التي لم يتم تكذيبها حتى بعد قيام الثورة ، هو خلق صورة ذهنية أمام الشعب بأن الملك يقتل جنوده في حرب فلسطين عام ١٩٤٨ . من هنا نستطيع القول بأن جماعة الإخوان وراء نشر فكرة الأسلحة الفاسدة التي كانت السبب في هزيمة الجيش المصري عام ١٩٤٨ ، لإظهار الملك في صورة الخائن الذي يقتل جنودة ، خاصة وأن العلاقة بين السرايا وجماعة الإخوان في تلك الفترة كانت متوترة للغاية ، ولم تكن كما يدعي الإخوان ورائها تنظيم الضباط الأحرار ، لأن حركة الضباط الأحرار في ذلك الوقت كانت سرية ، وإن كان هذا لا يمنع أن التسويق لهذه الفكرة من قبل الإخوان ، يخدم الثورة ولا يضرها ، و بالتالي نفيها غير مطلوب ، وكان الضحية هو الملك فاروق وتاريخه . نفس ما حدث مع الملك حدث مع الرئيس مبارك في ملف ” التوريث ” وللحديث بقية في ( الجزء الثاني غداً ) .