كتب // وائل عباس هناك بعض الشخصيات التاريخية فى العصر الحديث ؛ لن تستطيع أن تمر عليها مرور الكرام ؛ ولا تستطيع أن تطوى صفحاتهم سريعا ؛ وقد سطروا بأقلامهم طلاسم لم يفك شفرتها ويكشف عن محتواها سوى الأحداث المتلاحقة ؛ من هذه الشخصيات الرئيس العراقي الراحل // صدام حسين . والقائد الليبي // معمر القذافي … وهو محور مقالى اليوم . كان الجميع على المستوى العالمي ؛ أو على المستوى المحلى فى مصر ؛ يحاولون تصوير العقيد الليبى فى صورة القائد الموتور ؛ والزعيم المجنون ؛ والرئيس الجاهل الأحمق ؛ والأرهابى العطن ؛ والذى يحكم شعبا من بدو الصحراء ؛ حيث لا علم ولا حضارة ؛ وثروة عظيمة بيدا بلهاء . ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما ؛ فلم يكن القذافي تلك الصورة التى حاول الإعلام الغربى رسمها فى الأذهان سواء فى شعوب العالم العربي ؛ أو على مستوى العالم . ولكن كان القذافي زعيما ثوريا ؛ فطن لمخططات الغرب وأطماع الصهيونية العالمية خاصة في ثروات الشعب العربي ؛ فنادى وسط أبناء جلدته من الحكام العرب أن احترسوا ؛ وتكاتفوا ؛ وتراصوا ؛ لكى لا تأكلنا الذئاب . ولكن لا حياة لمن تنادي ؛ وجد معظم الحكام العرب لا شاغل لهم غير عروشهم وورثتهم وحاشيتهم ؛ أما الشعوب فما هى إلا أعجاز نخل منقعر ؛ ومن هنا هاجم الرئيس الليبي وأعلامه ؛ معظم الحكام العرب وكان صريحا فجا فى مهاجمتهم . ومن ضمن الذين طالهم الهجوم كان الرئيس المصري المخلوع // حسنى مبارك … الذى قام بتسخير إعلامه لتصوير القذافي بأبشع صور العته والجنان ؛ وتبارت وسائل الإعلام المصرية فى تنفيذ تعليمات مبارك والتى هى مستمدة من أسياده فى الغرب ؛ فرسخت تلك الصورة الكاريكاتورية لزعيم مجنون فى ذهن معظم البشر وخاصة الشعب المصري لقربه واختلاطه بالشعب الليبى . وعندما لم يجد القذافي حياة لمن نادى فيهم ؛ أتجه إلى العمق الإفريقى فساعد الحركات التحررية وساند زعماء تلك البلاد ودعمهم ماديا ؛ وقاد الأتحاد الأفريقي ليكون صوت التكاتف الذى ينشده ؛ حتى أصبح القذافى أيقونة لشعوب أفريقيا حيث لقبوه بملك ملوك افريقيا ؛ وبدأ رحلة للبناء والتحرر هناك ؛ ونادى بعملة موحدة لشعوب أفريقيا ؛ وحاول جمع البلدان الإفريقية لتكون الولايات الأفريقية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية ؛ أو الأتحاد الأوروبي . ومن هنا حيث العمق الإفريقى أصبح القذافى خطرا على الدول الغربية ومصالحها ؛ ففرنسا التى تتعامل وتفرض الفرنك الفرنسى فى معظم مستعمراتها الأفريقية القديمة ؛ ستفقد المكاسب التى تبتزها من تلك الدول ؛ وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والتى تتخذ من أفريقيا أرضا بكرا للموارد ؛ فكان لابد من التخلص من القذافي . أن القذافي الذى فطن لقوة الشعوب الإفريقية إن تجمعت واتحدت ؛ كان أعمق بصيرة من مبارك الذى منعه كبره وتعاليه أن يتشعب فى عمقه الأفريقى ؛ ان القذافى الذى حاول توحيد افريقيا وتحريرها من الأحتلال الغربى ؛ لم يكن مجنونا ولا فاقد للأهلية ؛ بل على العكس كان القذافي ذكيا ذو نظرة عميقة ؛ كانت ليست على هوى أعدائه . ونفس الذى أدركه القذافي سابقا ؛ ايقنه الرئيس عبدالفتاح السيسي فتحرك بذكاء نحو عمقه الأفريقى فوطد العلاقات وأصلح ما أفسده الخونة والمفسدون . أفريقيا يا سادة هى العمق ؛ هى القوة المنشودة ؛ هى الثروة ؛ لذا علينا أن نتجه إليها ونستكشفها من جديد .