كيف أتحدث إليكم قبل أن أُذكركم بعالِم الجهاز الهضمى بافلوف، روسى الجنسية، حصل على جائزة نوبل ١٩٠٤ وتُوفى ١٩٣٦، أوصل بافلوف أنبوبة بالقناة اللعابية فى فم كلب، وكان يقدم له الطعام مصحوبًا بصوت جرس، فكان لعاب الكلب يسيل، وبعد فترة كان يرن الجرس ولا يقدم الطعام، فكان اكتشاف الارتباط الشرطى فى التعليم، وهبنى الله كل وسائل حمايتى منكم، وأولاها الغشاء المخاطى، وأنتم تدمروننى بالعقاقير كالأسبرين والـNsaid، وهى الحروف الأولى من: Non Steroidal Anti Inflamatory Drugs، والتى تتناولونها ليلًا ونهارًا دون حساب!.
هذا فضلًا عن الدخان بجميع أشكاله، والكحوليات، وأخيرًا البكتيريا الحلزونية التى تأتيكم خلال الطعام والشراب، خصوصًا من خارج البيت. كم أعانى منكم، خصوصًا فى حالات غضبكم والضغوط النفسية التى عليكم، جزء من غشائى المخاطى لا يذهب إليه الدم، فيأكله حامضى الذى أفرزه يقتل البكتيريا ويفتت الطعام، أنا حساسة جدًا، تجدوننى فى حالات التهاب الزائدة أو المغص الكلوى أو المرارى، أتقيأ حتى أعلن لكم تعاطفى مع باقى الأعضاء، كما أنبهكم إلى أنه ليس هذا وقتًا للطعام بل لطلب الشفاء.
أذكر حوارًا بين أ. د. حسن إبراهيم، أستاذ الجراحة بكلية طب قصر العينى، وكاتب هذه السطور حين كان طالبًا، وكانا حول سرير مريض مصاب بقرحة فى المعدة، فسأله الأستاذ: هل تفضل أن تصاب بقرحة فى المعدة أم الاثنى عشر؟! فكان رد الطالب: الاثنى عشر لأنها لا يمكن أن تتحول إلى سرطان، فكان رد الأستاذ: أنا أفضلها كذلك، ولكن لسبب آخر! الطموح! تُقاس حضارة الأمم بعدد حالات الطموح! قال الطالب:
إذا كانت النفوس كبارًا
تعبت فى مرادها الأجسام
ابتسم الأستاذ وقال: يبدو أنك تحب الشعر.. ماذا تعرف منه؟ قال الطالب: قول أمير الشعراء فى والدكم على باشا إبراهيم:
يد إبراهيم لو جئت لها/ بذبيح الطير عاد الطيرانا!
ابتسم الأستاذ وقال لطالبه: سيكون لك شأن كبير.
أنا المعدة، خذوا بالكم منى! إذا وجدت العرق يتصبب من وجهك وألمًا فى فمى «فم المعدة» فلا تقل سوء هضم، بل اتجه إلى طبيب القلب، فقد تكون ذبحة أو جلطة، وأنت يا مَن تشكو من أنيميا مزمنة والهيموجلوبين سبعة جرامات، ولا تجد سببًا ظاهرًا، انظر فى لون البراز، فإن كان أسود فهذا دم مهضوم ومصدره قرحة تنزف فى صمت، وطبعًا يجب أن تعرف أن مركبات الحديد تعطى للبراز لونًا أسود، أما إذا تقيأت دمًا بلون القهوة فهذا من قرحة بداخلى، وهذا اللون بسبب حامض الأيدروكلوريك، لا تأخذ الأمر ببساطة، فقد تكون القرحة فتحت شريانًا لا يتوقف إلا بتدخل جراحى.
كاتب هذه المقالة يحبنى فيحمينى بعد كل عملية كبرى بحقنة كل ١٢ ساعة حتى أقلل من إفراز هذا الحامض السابق ذكره. تصب بعض الأعضاء همومها عندى، ها هى الكلى حين تصبح غير قادرة على صرف البولينا إلى البول، وترتفع فى الدم، تأتى عندى، أُكسرها إلى أمونيا، فيصيبنى الالتهاب وأبدأ فى القىء، نصيحة إذا شعرتم بالقرف من اللحوم والبروتين عمومًا، حللوا الكرياتنين حتى تعرفوا وظائف الكلى.
أخيرًا كلمتى للسادة الجراحين، بعد العملية تفرحون بصوت الأمعاء، وخروج الغازات، تقولون: نجونا من شلل الأمعاء، تسمحون بالماء والغذاء، ثانى يوم شلل أمعاء! ذلك لأن الحركة تبدأ أولًا فى القولون، وثانيًا فى الأمعاء، وأخيرًا فى المعدة! انتظروا يومًا بعد حركة الأمعاء، وإلا شلل أمعاء أو: Acute Gastric Dilatation يغرق المريض فى ١٠ لترات من عصارتى! الإنقاذ أنبوبة رايل، وإلا تبكى مع أسمهان: الغالى بعته رخيص.. وما احسبوش غالى.