علق الكاتب حسن إسميك، على منتقدي العمران والتوسع الذي مرت به مكة المكرمة ومسجدها ومشاعرها في السنوات الأخيرة، بأنه قد أثر على روحانيتها وبهاء قداستها، مشيرا إلى أن دعوتها المستجابة لا تجعل أي توسع أو عمران أن يحدّ من روحانية هذه البقعة المباركة، فالاستجابة الإلهية ستبقى أكبر وأقدر من كل شيء.
أضاف إسميك، في مقال له بعنوان: “مكة المكرمة.. دعوة إبراهيم عليه السلام “، أما من يغمز من طرف خفي ليقول أن هذه الأبنية وهذا التوسع قد غيّب بيوت الصحابة وحولها إلى فنادق ومطاعم فهذا يدل عن جهل كبير بتاريخ مكة وتطور بناء المسجد الحرام فيها، ذلك لأن بيوت الصحابة القديمة دخلت ضمن الحرم المكي ولم يبق منها شيء خارجه منذ مئات السنين.
تابع: وكان عمر بن الخطاب أول من ضم البيوت للحرم، ثم تبعه في ذلك عثمان بن عفان. ثم أضاف الوليد بن عبد الملك توسعة جديدة للمسجد الحرام بعد سيل أصاب المدينة وهدّم الكثير من أبنيتها، ثم قام أبو جعفر المنصور بزيادة مساحة الركن اليماني حتى صارت دار الندوة داخل الحرم، ثم أمر المعتضد بالله بهدم الدار وجعلها من أروقة المسجد، ثم أضاف المقتدر بالله منزلي زبيدة زوجة هارون الرشيد لحرم المسجد، وهكذا توالت القرون حتى لم يبق من آثار مكة القديمة شيء سوى الكعبة وما يحيط بها، حجر إسماعيل ومقام إبراهيم وبئر زمزم.
ولفت إلى أنه إذا كانت الكعبة ذاتها، وهي الأعظم بنياناً من كل ما حولها، قد أعيد بناؤها عدة مرات نتيجة ما أصابها من سيول جارفة، أفيعقل أن المنازل القديمة التي بنيت من 1400 عام قد بقيت قائمة في أماكنها؟ ويكفي دليلاً على ذلك أن مؤرخي مكة قد اختلفوا على مواقع منازل الصحابة بعد مضي حوالي ثلاثمئة عام من ظهور الإسلام. حتى منزل السيدة خديجة، والذي انطلقت منه دعوة النبي الكريم عليه السلام قد اختلف كل من الأزرقي والفاكهي، وهما من مؤرخي القرن الهجري الثالث في تحديد مكانه، وهما صاحبا أقدم كتابين عن تاريخ مكة، وقد أجمعا على أن معاوية بن أبي سفيان اشترى المنزل وأقام مسجداً في مكانه.
ونوه بأنه من المؤكد أن منازل مكة وبيوتها قد تبدلت خلال الألف وأربعمئة عام الماضية مئات المرات، ولم يبق منها شيء ليصل إلى زماننا هذا، أما العمران الذي تشهده مكة اليوم فهو قدرها الطبيعي وسنة تطور الحياة فيها. وستبقى دعوة إبراهيم عليه السلام مستجابة أيضاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.