أثار النجاح السريع لطالبان تساؤلات حول كيفية تمكن الجماعة المتمردة من السيطرة بعد وقت قصير من انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد 20 عاما من الصراع في أطول حرب أمريكية، وما تريده “طالبان”.
من هم طالبان؟ تشكلت الحركة عام 1994، وتتألف من مقاتلين سابقين في المقاومة الأفغانية، يُعرفون مجتمعين بـ”المجاهدين”، والذين حاربوا القوات السوفيتية في الثمانينيات. وتهدف إلى فرض تفسيرها للشريعة الإسلامية على البلاد وإزالة أي تأثير أجنبي.
خرجت “طالبان” بالأساس من رحم حرب أهلية طاحنة في أفغانستان أعقبت انسحاب الاتحاد السوفيتي من البلاد. دعمت وكالة الاستخبارات المركزية جهود المقاتلين ضد القوات السوفيتية سرا، بحسب “دويتشه فيليه”.
يُعتقد أن اسم “طالبان” يأتي من حقيقة أن العديد من الأعضاء كانوا طلابا في المدارس الأفغانية والباكستانية، أو المدارس الدينية.
الملا محمد عمر، الذي أصبح لاحقا مؤسس الحركة، شعر بخيبة أمل لأن الشريعة الإسلامية لم يتم إقرارها في بلاده بعد انتهاء التدخل السوفيتي، وجمع 50 طالبا، تعهدوا بتخليص أفغانستان من أمراء الحرب والمجرمين واستعادة النظام والسلام والأمن في الدولة التي مزقتها الحرب.
نمت المجموعة بسرعة، بدعم من باكستان، وبدأت في الاستيلاء على المدن والمحافظات، وحظيت بشعبية واسعة لأنها قضت على الفساد وجعلت المناطق التي اكتسبت فيها السلطة آمنة للتجارة مرة أخرى.
استولت “طالبان” على كابول في عام 1996، وبحلول عام 1998 سيطرت 90% من أفغانستان. فرضت المجموعة الإسلامية السنية قواعد صارمة، حيث كان على النساء ارتداء غطاء من الرأس إلى القدمين، ولم يُسمح لهن بالدراسة أو العمل، ومُنعن من السفر بمفردهن، كما تم حظر التلفزيون والموسيقى والأعياد غير الإسلامية
عودة تاريخية عبر بوابة واشنطن في عام 2017، أصدرت حركة “طالبان” رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب حديثا دونالد ترامب، تطالبه بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان.
في عام 2018، بدأت الولايات المتحدة التفاوض مباشرة على معاهدة سلام مع “طالبان”، دون إشراك الحكومة الأفغانية المنتخبة. بدأت محادثات السلام الأفغانية بين الحكومة و”طالبان” في سبتمبر 2020، لكنها سرعان ما توقفت.
وبعد سنوات من المفاوضات، وقعت “طالبان” وإدارة ترامب أخيرا اتفاق سلام في عام 2020، ووافقت واشنطن على سحب القوات وإطلاق سراح نحو 5000 سجين من “طالبان”، فيما وافقت “طالبان” على اتخاذ خطوات لمنع أي جماعة أو فرد، بما في ذلك القاعدة، من استخدام أفغانستان لتهديد أمن الولايات المتحدة أو حلفائها
كيف تمول طالبان أعمالها؟ تجني الجماعة المسلحة الكثير من الأموال من تصدير الأفيون والهيروين، وتقدر الأمم المتحدة أنه في عامي 2018 و2019، حققت “طالبان” أكثر من 400 مليون دولار من خلال تجارة المخدرات غير المشروعة، والتي تمثل 60% من دخلها وفقا لمسؤولين أمريكيين.
مصادر الدخل الإضافية التي تم إدراجها في تقرير حنيف سوفيزادا، محلل السياسة الاقتصادية في مركز دراسات أفغانستان، تشمل التعدين والضرائب والتبرعات. يُعتقد أيضا أن بعض الدول تقوم بتحويل الأموال مباشرة إلى “طالبان”.
كيف تفوقت على القوات الأفغانية بسهولة؟ اعتبارا من فبراير الماضي، بلغ عدد القوات الأفغانية المسلحة 308 آلاف فرد، وفقا لتقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو أعلى بكثير من العدد التقديري لمقاتلي “طالبان” المسلحين، والذي يتراوح بين 58 ألف و100 ألف.
على مدى العقدين الماضيين، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من تريليون دولار في أفغانستان، ودربت الجنود والشرطة الأفغانية وزودتهم بالمعدات الحديثة. في النهاية، ورغم ذلك، أثبتت القوات الأفغانية أنها ليست ندا لطالبان.
قال كارتر ملكاسيان، وهو مستشار كبير سابق لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية ومؤلف كتاب “الحرب الأمريكية في أفغانستان: تاريخ”، إن القوات الأفغانية كانت تفتقر أحيانا إلى التنسيق وتعاني من ضعف الروح المعنوية، وكلما زاد عدد الهزائم التي تعرضوا لها، ساءت معنوياتهم، وزادت قوة “طالبان”.
وأضاف: “القوات الأفغانية، لفترة طويلة من الزمن، كانت تعاني من مشاكل في الروح المعنوية وكذلك في رغبتها في محاربة “طالبان”. يمكن لطالبان أن تصور نفسها على أنها أولئك الذين يقاومون ويحاربون الاحتلال، في حين أن هذا أمر أصعب بكثير على الحكومة أن تدعيه.
من جانبه قال متحدث باسم الحركة إنهم لم يفاجأوا بهجومهم العسكري الكاسح، مضيفا: “لأن لدينا جذور بين الناس، لأنها كانت انتفاضة شعبية للمواطنين، لأننا علمنا أننا كنا نقول هذا منذ 20 عاما، لكن لم يصدقنا أحد، والآن عندما رأوا، فوجئوا لأنهم لم يصدقوا قبل ذلك”.