قالوا: فراعنة.. سخرة.. كنا فاكرينه موسى طلع فرعون! وقال مطران خليل مطران: لو أن مظالم الفراعنة كتبت على الرخام الأبيض، لاسودّ من كثرة مظالمهم!
رد عليه أمير الشعراء:
زعموا أنها دعائم شيدت
بيد البغى ملؤها ظلماء
أين كان القضاء والعدل والحكمة
والرأى والنهى والذكاء؟
إذا كان غير ما أتوه فخار
فأنا منك يا فخار براء!
وتمر الأيام ونعرف أن فرعون كاسم كان موجوداً، ولكن كصفة على ملوك مصر، فهذا افتراء من فلندرز بترى، فلا وجود لها فى «شن رن» «خراطيش» الملوك، وأصبحت سمعتهم سيئة كسمعة فرعون الخروج، فلندرز بترى مدفون فى القدس وهو بريطانى الجنسية!
قالوا حضارة وثنية، وتقول الكنيسة: فى رحلة العائلة المقدسة فى الأراضى المصرية، كانت الأوثان تتساقط! وكتبت معترضاً، وطلبت من الرجل الحكيم العظيم البابا تواضروس الثانى أن يغير هذا المفهوم الخطر على الحضارة المصرية، ويعلن أنها كانت أوثان الرومان، لأن مصر عرفت الإله الواحد منذ الأسرة الأولى، الجميل أن البابا استجاب وأعلن أن مصر عرفت الله فى حضارتها القديمة.
العالم الألمانى هنرى بروجش يقول: عقيدة مصر القديمة كانت قمة القمم فى التوحيد.
أما العقاد فيقول فى كتابه «الله»: لقد وصل المصريون إلى التوحيد. كذلك هنرى توماس يقول: لقد استعار العبرانيون فكرة التوحيد من مصر القديمة.. «هم يقولون حتى الآن: فى البدء خلقت الآلهة (جمع إله) الأرض! كما يقولون: من مثلك بين الآلهة يا رب!».
أما د. عبدالعزيز صالح، عالم الآثار الكبير، فيقول:
عبدت مصر الإله الواحد الذى لا شريك له، ونجد على متون الأهرام: واع واعو، أى واحد أحد، نن سنو، أى ليس له ثان.
أما ويل ديورانت، صاحب موسوعة قصة الحضارة فيقول: مصر هى أول من دعت إلى التوحيد. كذلك ثروت عكاشة يحدثنا قائلاً: عقيدة التوحيد، مصر هى مصدرها.
أما آرثر مى، فهو يقول: كانت عقيدة مصر فى التوحيد، هى الطلقة الأولى التى تأثر بها كل من أتوا بعدهم من عظماء البشرية.
إذا ذهبنا إلى كوم أمبو نجد جدارية عليها صورة محفورة لأذن وتحتها حفر لعين، وكلمات تقول: إنه «الله» السميع البصير، الذى يجيب دعوة الداعى إذا دعاه!
ها هو الحكيم المصرى أمين موبى يقول: لا تسرق حتى لا يبدد الله أموالك ويخرب بيتك! سبّح الله، واعصِ الشيطان، الكمال لله وحده، والعجز من صفات الإنسان، إن الله يكره الرجل الكذوب كما يكره الرجل المُزوِّر، لا تفصل قلبك عن لسانك حتى تكون فى مأمن فى يد الله، سعيد أنت إذا وصلت للدار الآخرة مبرءاً أمام الله، ثم نقول: حضارة وثنية!
أما أنا فلم أر جهلاً يشبه هذا الجهل، ولا عقوقاً من الأبناء للأجداد يشبه هذا العقوق، ولا تمجيداً لمن نهبونا ودمرونا يشبه هذا التمجيد، ليس ذنبنا بل ذنب المسؤولين عن تاريخنا وآثارنا وحضارتنا وثقافتنا وتعليمنا.