كتب /أيمن بحر
شهدت الفترة الماضية عودة تصعيد تنظيم داعش الإرهابي لهجماته على القوات الحكومية السورية في عدة مناطق من البلاد من خلال تنفيذ عدة هجمات وتفجيرات وكمائن حيث أوردت وكالة الأنباء السورية (سانا) في وقت سابق من هذا العام مقتل 25 مواطناً وإصابة 13 آخرين بجروح جراء هجوم إرهابي على حافلتهم في منطقة كباجب على الطريق بين دير الزور وتدمر، وقد تم نقل المصابين لتلقي العلاج في مشافي دير الزور. في الوقت الذي قال فيه المرصد السوري المعارض أن الحافلة كانت تقل 37 عنصراً من الجيش السوري كانوا يستقلونها عائدين إلى منازلهم.
من موقع هجوم تنظيم داعش الإرهابي. الصورة لوكالة الأنباء (سانا)
كما قالت صحيفة سبوتنيك الروسية في فبراير الماضي، من هذا العام أيضاً، أن عدداً من المجموعات التابعة لتنظيم داعش هاجمت بشكل متزامن نقاطاً ومواقع للجيش السوري في بادية الرصافة بريف الرقة. وأضافت الصحيفة نقلاً عن مصدرٍ ميداني أن اشتباكات عنيفة دارت بين القوات الحكومية السورية وعناصر من التنظيم الإرهابي الذين كانوا يستخدمون درجات نارية، وقد أودت تلك الاشتباكات بحياة 3 عناصر من الجيش السوري وإصابة 5 آخرين.
هذه الاعتداءات والهجمات المتكررة من قبل تنظيم داعش الإرهابي فُسرت من قبل بعض المراقبين بأنها استمرار لوجود بعض الخلايا الإرهابية للتنظيم التي لم يتم القضاء عليها بعد، والتي تشكل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار مناطق وجودها، وتنشط تلك الخلايا من حين لآخر في منطقة البادية السورية الممتدة من شرق محافظتي حماة وحمص وصولاً إلى أقصى شرق محافظة دير الزور.
وعلى الرغم من إعلان قوات سورية الديمقراطية (قسد)، تجمع لفصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن القضاء تماماً على داعش عام 2019 إلا أن التنظيم الإرهابي لا يزال يخوض حرب استنزاف ضد الجيش السوري من جهة وضد قسد نفسها من جهة أخرى.
وكانت واشنطن نفسها أيضاً قد أعلنت القضاء تماماً على تنظيم داعش عام 2019، بعد أن قامت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بقصف مدفعي وشن غارات جوية قالت أنها تهدف إلى القضاء التام والنهائي على تنظيم داعش، إلا أنها مع الأسف تسببت بقتل مايزيد عن 1600 مدني في مدينة الرقة وحدها حتى أن التحالف نفسه اعترف بقتل 318 مدنياَ في الرقة عن طريق الخطأ، ناهيك عن الخسائر المادية والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، والتي جعلت سكان المدينة يصفوها (بالمدينة المنكوبة). ومع كل ذلك فجرائم التنظيم استمرت وعملياته الغادرة أودت بحياة الكثير من الضحايا من مدنيين وعسكريين منذ تاريخ إعلان القضاء المزعوم على داعش وحتى الآن.
والجدير بالذكر أن عودة خلايا داعش الإرهابية للظهور ترافق مع مغادرة قوات فاغنر الروسية للمنطقة بعد أن كان وجود تلك القوات ضامناً للأمن والأمان هناك، بدليل النتائج المهمة التي حققتها قوات فاغنر في قتال داعش في تدمر عام 2017 كما شاركت وحدات مشاة فاغنر في تحرير القريتين في نيسان أبريل 2016 بالإضافة إلى المساهمة الحاسمة في تحرير مدينة دير الزور في خريف 2017 وفي تحرير مدينة السخنة في آب أغسطس من العام نفسه، معتمدةً بشكل رئيسي على عناصرها المدربة أعلى مستويات التدريب وخبراتها بهذا النوع من المعارك، بالإضافة إلى التسليح الحديث والفعال.
فبعد أكثر من عشر سنوات على الحرب في سوريا خسر فيها السوريون آلاف الضحايا إضافة إلى ملايين النازحين في الداخل والخارج، أصبح من الصعب تخصيص عدد كبير من القوات لمحاربة داعش في تلك المناطق الشاسعة في البادية السورية، مما يعني الحاجة الماسة لمزيد من الموارد البشرية والمالية لمواجهة هذا الخطر الذي ستكون عودته كابوساً لكل السوريين فعلى الرغم من مرور أكثر عام على إعلان القضاء على التنظيم الإرهابي، لا تزال منطقة الشمال الشرقي تعاني من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الأمر الذي يجبر الناس هناك للكفاح بحثاً عن العمل ويضطر الأطفال بصفة عامة إلى التخلي عن التعليم، في الوقت الذي لا تزال فيه الخدمات العامة كالماء والكهرباء شحيحة في العديد من المناطق. مما يعني أن جميع العوامل التي سمحت في السابق بظهور الجماعات المسلحة المتطرفة واستيلاء تنظيم داعش على المنظقة لا تزال دون معالجة. فهل يمكن القول الآن أن داعش قد انتهت في سوريا أم سيكون هناك تهديدات أخرى مستقبلاً؟