أصل حكاية خروج رمسيس الثانى من مصر إلى باريس تجدونها فى كتاب الأستاذ سعيد أبوالعينين: «الفرعون الذى يطارده اليهود بين التوراة والقرآن»، يحدثنا فيه أنها كانت خدعة وقع فيها السادات، وكانت أداة هذه الخدعة طبيب باطنة فرنسيا يهوديا من أصل مغربى «بوكاى من قبيلة بوخيه ص ٧، ٢٤».. هذا الطبيب كان صديقًا لأبى وافية، عديل الرئيس السادات، وكان اسمه موريس بوكاى.
فى ١١ سبتمبر ١٩٧٥، زار جيسكار ديستان مصر، فطلب من السادات أخذ مومياء رمسيس الثانى لأنهم سوف يقدمونه مبتسمًا للحضور «خدع ضوئية» وسط ٥٢ قطعة من آثاره، وسوف يقدمونه وسط عرض مسرحى فى باريس، وهذا العرض سوف يحقق دخلًا هائلًا لمصر! وافق السادات من حيث المبدأ ص١٤.
كان وراء هذا الطلب كريستين نوبل كور، ديستان، بوكاى، أبووافية.
فى زيارة دستان للمتحف المصرى، استقبله د. جمال مختار الذى رفض العرض المسرحى ص١٧، وسأل ديستان: هل توافقون على عرض غطاء تابوت نابليون بونابرت فى مصر؟ ص١٨، كان الرد مجافيًا للذوق: أنتم تعرضون رمسيس الثانى بطريقة غير لائقة، ونحن سوف نعرضه بطريقة أفضل وأعظم من طريقتكم ص١٨. تحدث د. جمال مختار، ليوسف السباعى، وزير الثقافة، وممدوح سالم، رئيس الوزراء، ولكنهما رفضا التدخل.. تحدث إلى الداهية د. لبيب حبشى، قال له: سيب الموضوع ده، أنا سأتفاهم معه بطريقتى لأنى سأرافقه فى الأقصر.. وفى الأقصر توقف ديستان أمام مومياء طفل، قال د. لبيب حبشى: هذا الطفل يريدون نقله إلى المتحف المصرى بالقاهرة ولكنى رفضت، سأله ديستان: لماذا رفضت؟ قال حبشى: الموت له حرمة، والميت يفضل مكانه، ونقل المومياء لعرضها حرام، وإحنا سلو بلدنا كده!. كان د. نجيب قدرى سفيرنا فى فرنسا موجودًا، ذهب لجمال مختار يقول له: إيه الراجل المدبّ اللى إنت جايبه يشرح لديستان، ده اتكلم بطريقة وحشة قوى ص٢٠.
هاجمت الصحف المحلية والعالمية ديستان، فتراجع وأرسل اعتذارًا للسادات عن إقامة العرض المسرحى لرمسيس الثانى فى باريس.
بعدها بأسابيع، تزعم بوكاى حملة عالمية: «أنقذوا رمسيس الثانى، سوف يتحلل، إنه يحتاج للعلاج فى باريس!». قال د. جمال مختار إن بوكاى قال له إن مرنبتاح هو فرعون موسى، وإن حالة رمسيس أفضل حالًا من مرنبتاح، ولكن موريس بوكاى ليس موضع ثقة وليس مؤهلًا علميًا، ويريد الدعاية لنفسه فقط ص٣٦.
استطاعت نوبلكور أن تبعد بوكاى عن الوفد المرافق أو الفحص، وعند وصول الملك إلى مطار لى بورجيه، حملته سيارة مصفحة ومعه نوبلكور، طلبت من السائق أن يلف عدة مرات حول مسلته المأخوذة من معبد الأقصر والآن فى ميدان الكونكورد، وأخيرًا استقر رمسيس الثانى فى متحف الإنسان فى باريس. قالت نوبلكور: «ظلمت التوراة رمسيس، وكل ما قالته عنه غير صحيح».
ملحوظة: التوراة لم تذكر اسم رمسيس، ولكنها قالت: مدينة بى – رمسيس هى المدينة التى سخرهم لبنائها ص٣٤.
انكشفت الخدعة عندما ذهب موشيه ديان لزيارته سرًا فى المستشفى وأخذ ينقر على أصابع قدميه بعصا المارشالية ويقول له بكل أحقاد اليهود: «أخرجتنا من مصر أحياءً، وأخرجناك منها ميتًا» ص٧.
ملحوظة: باع ديان آثارًا مصرية للمتحف الإسرائيلى بمليون دولار ص٨، ثم جاء دور التليفزيون الفرنسى: حدث أخطر من نزول أرمسترونج على سطح القمر! وإذ بهم يعرضون الملك العظيم عاريًا من ردائه ولفائفه عشرين دقيقة للعالم كله، والمذيع الصهيونى يتشفى، والمجلة الصهيونية «الأورور» تردد نفس كلام ديان ص٥٢!.
احتجت «الهيرالد تريبيون» الأمريكية وقالت: حكاية المرض غير صحيحة، وحالة رمسيس أفضل كثيرًا من مومياوات ملوك مصر القديمة ص٥١، توجهت جموع المثقفين الفرنسيين للسفارة المصرية تعلن احتجاجها على هذا العمل المشين ص٥٥، احتجت وزارة الثقافة لدى السفارة الفرنسية بالقاهرة، كما تقدم فاروق حسنى «ملحق ثقافى» وعاطف صدقى «مستشار ثقافى» بسفارتنا فى فرنسا باحتجاج لوزارة الإعلام الفرنسية ص٥٥.
إن العدو وإن تقادم عهده/ فالحقد باقٍ فى الصدور مقيم.